للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَ: مَا تَرَونَ النَّاسَ صَنَعُوا؟ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَصبَحَ النَّاسُ فَقَدُوا نَبِيَّهُم، فَقَالَ أَبُو بَكرٍ وَعُمَرُ: رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعدَكُم، لَم يَكُن لِيُخَلِّفَكُم! وَقَالَ النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَينَ أَيدِيكُم، فَإِن يُطِيعُوا أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ يَرشُدُوا. قَالَ: فَانتَهَينَا إِلَى النَّاسِ حِينَ امتَدَّ النَّهَارُ وَحَمِيَ كُلُّ شَيءٍ، وَهُم يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكنَا، عَطِشنَا. فَقَالَ: لا هُلكَ عَلَيكُم! ثُمَّ قَالَ: أَطلِقُوا لِي غُمَرِي! قَالَ: وَدَعَا بِالمِيضَأَةِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُبُّ وَأَبُو قَتَادَةَ يَسقِيهِم، فَلَم يَعدُ أَن رَأَى النَّاسُ مَاءً فِي المِيضَأَةِ تَكَابُّوا عَلَيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَحسِنُوا المَلأَ، فَكُلُّكُم سَيَروَى. قَالَ: فَفَعَلُوا، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُبُّ وَأَسقِيهِم، حَتَّى مَا بَقِيَ غَيرِي وَغَيرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: ثُمَّ

ــ

ما ذكر في حديث أبي قتادة، وهو محتمل كما قررناه، والله تعالى أعلم.

وقوله ثم قال: ما ترون الناس صنعوا؟ ، هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن كان معه مستفهمًا على جهة استحضار أفهامهم، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - مخبرًا بما صنعوا وبما قالوا إلى قوله وقال الناس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيديكم، وهنا انتهى الخبر عنهم، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا؛ لأنهما وافقا الحق فيما قالاه، فصوابه إذًا أن يكون يطيعوا، ويرشدوا بياء الغائبين، وقد قيل في بعض النسخ بتاء المخاطبين، ووجهه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه أقبل على الغائبين فخاطبهم.

ويجري هذا مجرى قول عمر الجبلّ يا سارية (١) وهو بالمدينة، وسارية بمصر أو بالشام، فسمعه سارية ولجأ إلى الجبل ونجا هو وأصحابه، والله أعلم.

ويحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - حاكيًا قولهم.

وقوله وأحسنوا الملأ بفتح الميم والهمزة مقصورًا؛ أي الخُلُق - قاله


(١) أسد الغابة (٢/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>