للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ابن عباس فقال: يحمل حديث عائشة على أول الأمر، وحديث ابن عباس على الذي استقرّ عليه الفرضان، وهو تحكُّم، مع أنه بقي عليه العذر عن مخالفتها هي وعن معارضة ظاهر الكتاب.

ثم نقول: لو كان الأمر على ما ذكرته عائشة لاستحال عادةً أن تنفرد بنقل ذلك عائشة، فإنه حكم يعمّ الناس كلهم فيشيع، وتنقله الكافة من الصحابة والعدد الكثير منهم، ولم يُسمع ذلك قطّ من غيرها من الصحابة فلا مُعَوَّل عليه، والله أعلم.

فإن قيل: فلعل ذلك كان في أول مشروعية الصلاة ولم يستمرّ ذلك الحكم، فلا يلزم الإشاعة! قلنا: ذلك باطل؛ لأن عائشة رضي الله عنها لعلها لم تكن موجودة في ذلك الوقت، فإن أول مشروعية الصلاة إنما كانت حين الإسراء، وقد ذكرنا وقت ذلك في كتاب الإيمان، وإن كانت موجودة إذ ذاك فلم تكن ممن يميز ولا يعقل لصغرها.

واختلف في حكم القصر في السفر؛ فروي عن جماعة أنه فرض، وهو قول عمر بن عبد العزيز والكوفيين وإسماعيل القاضي. وحكى ابن الجهم أن أشهب روى عن مالك أن القصر فرض، ومشهور مذهب مالك وجُلّ أصحابه وأكثر العلماء من السلف والخلف أن القصر سنة، وهو قول الشافعي. ومذهب عامة البغداديين من أصحابنا أن الفرضَ التخييرُ، وهو قول أصحاب الشافعي. ثم اختلف أصحاب التخيير في أيهما أفضل؟ فقال بعضهم: القصر أفضل، وهو قول الأبهري (١) من أصحابنا وأكثرهم، وقيل: إن الإتمام أفضل، ويحكى عن الشافعي.


(١) هو الإمام القاضي المحدِّث شيخ المالكية: أبو بكر، محمد بن عبد الله بن محمد التميمي الأبهري، توفي عام (٣٥٧ هـ). (سير أعلام النبلاء ١٦/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>