للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٦٩]- وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَرَضَ الله الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُم فِي الحَضَرِ أَربَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكعَتَينِ، وَفِي الخَوفِ رَكعَةً.

رواه أحمد (١/ ٢٣٢)، ومسلم (٦٨٧) (٥)، وأبو داود (١٢٤٧)، والنسائي (٣/ ١١٨ - ١١٩)، وابن ماجه (١٠٧٢).

ــ

وقد ذكرنا من حديث النسائي عن عائشة ما يبيّن أن المعنى الذي لأجله أتمت في السفر إنما هو ما اخترناه أوّلا.

وأما عثمان فقد تُؤوِّلَ له أنه كان إمام الناس، فحيث حلّ فهو منزله، وهذا يردّه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أولى بذلك ومع ذلك فلم يفعله.

ومنها: أنه كان معه أهله بمكة. وهذا يردّه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سافر بزوجاته وكن معه بمكة ومع ذلك فقصر.

ومنها: أنه إنما فعل ذلك من أجل الأعراب لئلا يظنوا أن فرض الصلاة أبدًا ركعتان. وهذا يردّه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أولى بذلك ولم يفعله، ثم قد عَلِمَ الأعرابُ والكلُّ من المسلمين أن الصلاة في الحضر أربع، ومن جهل ذلك من قرب عهد بالإسلام نادر قليل لا تغير القواعد لأجله.

ومنها: أن عثمان أزمع على المقام بمكة بعد الحج، ويردّه أن المقام بمكة للمهاجر أكثر من ثلاث ممنوع (١).

ومنها: أنه كان لعثمان بمنىً أرضٌ ومالٌ فرأى أنه كالمقيم. وهذا فيه بُعدٌ؛ إذ لم يقل أحدٌ إن المسافر إذا مرّ بما يملكه من الأرض ولم يكن له فيها أهل حكمه حكم المقيم.

والوجه ما ذكرناه أولا.

وقول ابن عباس وفي الخوف ركعة، ذهب جماعة من السلف إلى ظاهر هذا، فقالوا: صلاة الخوف ركعة واحدة عند الشدّة. وهو قول إسحاق؛ قال: أما عند الشدة فركعة واحدة يومئ بها إيماء، فإن لم يقدر فسجدة، فإن لم يقدر


(١) زاد في (ع): محرّم. انظر: المفهم، كتاب: الجهاد، باب: لا هجرة بعد الفتح، والتمهيد (١١/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>