للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الزُّهرِيُّ: فَقُلتُ لِعُروَةَ: مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: إِنَّهَا تَأَوَّلَت مَا تَأَوَّلَ عُثمَانُ.

رواه أحمد (٦/ ٢٣٤ و ٢٤١)، والبخاري (٣٥٠)، ومسلم (٦٨٥) (١ و ٣)، وأبو داود (١١٩٨)، والنسائي (١/ ٢٢٥).

ــ

في السفر. وقال الكوفيون: لا يقصر في أقل من مسيرة ثلاثة أيام، وهو قول عثمان وابن مسعود وحذيفة. وقال الحسن وابن شهاب: يقصر في مسيرة يومين. وأولاها القول الأول، والله تعالى أعلم.

وقول عروة إنها تأوّلت ما تأوّل عثمان، اختلف في تأويل إتمام عائشة وعثمان في السفر على أقوال، وأولى ما قيل في ذلك أنهما تأوّلا أن القصر رخصة غير واجبة وأخذا بالأكمل، وما عدا هذا القول إما فاسد وإما بعيد، ولنذكر ما قيل في ذلك:

فمنها: أن عائشة تأوّلت أنها أم المؤمنين، فحيث حَلّت نزلت في أهلها وولدها، وهذا يبطل بما بين المنزلتين من المسافات البعيدة، فإنها كانت تتم فيها وهي على ظهر سفر.

ومنها: أنها كانت لا ترى القصر إلا في الحج والعمرة والغزو، وذلك باطل؛ لأن ذلك لم ينقل عنها ولا عُرف من مذهبها، ثم قد أتمّت في سفرها إلى عليٍّ (١) رضي الله عنهما.

ومنها: أنها حيث أتمّت لم تكن في سفر جائز، وهذا باطل قطعًا، فإنها كانت أتقى لله وأخوف وأطوع من أن تخرج في سفر لا يرضاه الله تعالى، وهذا التأويل عليها هو من أكاذيب الشيعة المبتدعة وتشنيعاتهم عليها، {سُبحَانَكَ هَذَا بُهتَانٌ عَظِيمٌ}! وإنما خرجت رضي الله عنها مجتهدة محتسبة في خروجها تريد أن تطفئ نار الفتنة، ثم خرجت الأمور عن الضبط، وأقل درجاتها أن تكون ممن قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر (٢).


(١) أي: في موقعة الجمل.
(٢) رواه أحمد (٢/ ١٨٧) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>