للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حج أو عمرة. وقال عطاء: لا يقصر إلا في سبيل من سبل الله، والصحيح المذهب الأول؛ لأن القصر إنما شرع تخفيفًا عن المسافر للمشقّات اللاحقة فيه ومعونة له على ما هو بصدده مما يجوز، وكل الأسفار في ذلك سواء، وأما سفر المعصية فلا يترخص فيه بالقصر ولا بالفطر؛ لأن ذلك يكون معونة له على معصية، والله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ}

واختلفوا في السفر الذي تقصر فيه الصلاة؛ فقال داود: تقصر في كل سفرٍ قصير أو طويل، ولو كان ثلاثة أميال في سفر الطاعة، وكافة العلماء على أن (١) القصر إنما شُرِعَ تخفيفًا، وإنما يكون في السفر الطويل الذي تلحق فيه المشقة غالبًا. واختلفوا في تقديره؛ فذهب مالك والشافعي وأصحابهما والليث والأوزاعي وفقهاء أصحاب الحديث إلى أنها لا تقصر إلا في اليوم التام. وقول مالك يوم وليلة راجع إلى اليوم التام، وهو قول ابن عباس وابن عمر، وقدّره مالك بثمانية وأربعين ميلا، والشافعي والطبري بستة وأربعين ميلا، وهو أمر متقارب. والتفت هؤلاء إلى أقل ما سمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرًا؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم منها (٢). ومسيرة يوم وليلة هو مسيرة اليوم التام؛ فإن عادتهم في أسفارهم أن يقيلوا بالنهار ويسيروا بالليل، ولأن مسيرة يوم تامٍّ لا يمكن الخارج من منزله الرجوع إليه من يومه (٣) ويبيت ضرورة عنه، فخرج عن القرار


(١) ساقط من (ع).
(٢) رواه أحمد (٢/ ٣٤٠)، والبخاري (١٠٨٨)، ومسلم (١٣٣٩)، وأبو داود (١٧٢٣ - ١٧٢٥)، والترمذي (١١٧٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>