يقول: ما أدخلتُ في كتاب الجامع الصحيح إلا ما صَحَّ، وقد تركتُ من الصحيح خوفًا من التطويل.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: ونُقِلَ عن محمد بن إسماعيل أنه قال: صَنَّفتُ كتاب الصحيح في سِتَّ عَشرَةَ سنةً مِن سِتِّمائة ألف حديث، وجعلته حجةً بيني وبين الله تعالى.
وقال لي الفربري: قال لي محمد بن إسماعيل: ما وضعتُ في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلتُ قبل ذلك، وصلَّيتُ ركعتين.
وقال عبد القُدُّوس بن هشام: سمعت عشرةً من المشايخ يقولون: دوَّن محمد بن إسماعيل تراجمَ جامعِهِ بين قبر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبين منبره، وكان يصلِّي لكل ترجمة ركعتين.
وقال الحسين بن محمد الماسَرجِسِيُّ: سمعتُ أبي يقولُ: سمعتُ مسلمَ بنَ الحَجَّاج يقولُ: صَنَّفتُ هذا المسنَدَ الصحيحَ من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.
وقال إبراهيم بن سفيان: قال لي مسلم: ليس كلُّ صحيحٍ وضعتُ هنا، وإنما وضعتُ ما أجمعوا عليه.
فهذه نُصُوصُهُمَا على أنَّ شرطهما إنما هو الصحيحُ فقط.
وأما ما ادّعاه الحاكمُ عليهما مِنَ الشرط الذي قدَّمنا حكايته عنهما: فشيءٌ لم يصحَّ نقله عنهما، ولا سَلَّمَ له النقَّادُ ذلك؛ بَل قد قال أبو علي الجَيَّاني لمَّا حَكَى عنه ما ادَّعاه من الشرط: ليس مراده به أن يكون كلُّ خبر روياه يجتمع فيه راويان عن صحابيِّيه وتابعيِّيه ومَن بعده؛ فإن ذلك يَعِزُّ وجوده، وإنما المراد: أن هذا الصحابيَّ وهذا التابعيَّ قد روى عنه رجلان خَرَجَ بهما عن حَدِّ الجهالة.
قلتُ: فقد بطَلَ ظاهرُ ما قاله الحاكمُ بما قاله أبو علي؛ فإنَّ حاصل ما قاله أبو علي: أنهما لم يُخَرِّجا عن مجهول من الرواة، على أنَّ أبا أحمدَ بنَ عَدِيٍّ ذكَرَ شيوخَ البخاري، وذكر منهم أقوامًا لم يَرو عنهم إلا راو واحدٌ، وسمَّاهم عينًا عينًا، وقال: لم يرو عنهم إلَاّ راو واحد، وليسوا بمعروفين، فلولا التطويل لنقلنا (١) عنه ما قاله.
وعلى هذا: فشرطهما: أن يخرِّجا في كتابيهما ما صَحَّ عندهما وفي ظنونهما، ولا يلزم مِن