للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٨٥]- وعَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا عَجِلَ به السَّفَرُ يُؤَخِّرُ الظُّهرَ إِلَى أَوَّلِ وَقتِ العَصرِ، فَيَجمَعُ بَينَهُمَا، وَيُؤَخِّرُ المَغرِبَ حَتَّى يَجمَعَ بَينَهَا وَبَينَ العِشَاءِ حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ.

رواه مسلم (٧٠٤) (٤٨).

[٥٨٦]- وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهرَ وَالعَصرَ جَمِيعًا، وَالمَغرِبَ وَالعِشَاءَ جَمِيعًا، فِي غَيرِ خَوفٍ وَلا سَفَرٍ.

ــ

الصلاتين؛ فيلزم أن يصلي الظهر في أول وقت العصر ولا بدّ. وأوضح من هذا ما في الرواية الأخرى؛ من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤخّر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق، فظاهر ذلك حجة على أبي حنيفة؛ حيث منع الجمع المذكور، وهذا إنما فعله ابن عمر والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهما زالت عليهما الشمس وغربت وهما يجدّان السير، فلو أراد أن يرتحل بعد الزوال ناويًا أن لا ينزل حتى يخرج وقت الصلاتين صلى الأولى في أول الوقت، والثانية بعدها مجموعة إليها.

قال أبو محمد عبد الوهاب: وله أن يجمع بين الصلاتين في وقت أيهما شاء، والاختيار: في آخر وقت الأولى، وأول وقت الثانية. وكونه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر ثم ركب، ولم يصل العصر مجموعة إليها؛ إما لأنه نوى أن ينزل في وقت العصر، وإما لأنه لم يرد أن يجمع بينهما؛ لأن الجمع هنا غايته أن يكون جائزًا للرّخصة، وإما أنه لم يجدّ به السير، والله تعالى أعلم.

وقوله في حديث ابن عباس: أنه - صلى الله عليه وسلم - أخّر الظهر والعصر والمغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر ولا مطر: قد أخذ الناس في تأويل هذا الحديث مآخد، وأولاها: أن هذا الجمع يمكن أن يكون المراد به تأخير الأولى إلى أن يفرغ منها في آخر وقتها، ثم بدأ بالثانية في أول وقتها، وإلى هذا يشير تأويل أبي الشعثاء، ويدل على صحة هذا التأويل: أنه قد بقي فيه الأعذار المبيحة للجمع التي هي:

<<  <  ج: ص:  >  >>