للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَ [قَدْ] (١) تَقَدَّمَ رِوَايَةُ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ (٢) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، بِهِ.

وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ (٣) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، والمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ -ثَلَاثًا-مَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا بِهِ، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ".

وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ فِيهِ عِلَّةٌ بِسَبَبِ قَوْلِ الرَّاوِي: "لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ" (٤) .

وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: يُقَالُ: الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ الْمُتَوَاضِعُونَ لِلَّهِ، الْمُتَذَلِّلُونَ لِلَّهِ فِي مَرْضَاتِهِ، لَا يَتَعَاطَوْنَ (٥) مَنْ فَوْقَهُمْ، وَلَا يُحَقِّرُونَ مَنْ دُونَهُمْ. [وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ} أَيْ: إِنَّمَا يَفْهَمُ وَيَعْقِلُ وَيَتَدَبَّرُ الْمَعَانِيَ عَلَى وَجْهِهَا أُولُو الْعُقُولِ السَّلِيمَةِ أَوِ الْفُهُومِ الْمُسْتَقِيمَةِ] (٦) .

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ مُخْبِرًا أَنَّهُمْ (٧) دَعَوْا رَبَّهُمْ قَائِلِينَ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} أَيْ: لَا تُمِلْهَا عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ أَقَمْتَهَا عَلَيْهِ وَلَا تَجْعَلْنَا كَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَكِنْ ثَبِّتْنَا عَلَى صِرَاطِكَ الْمُسْتَقِيمِ، وَدِينِكَ الْقَوِيمِ {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ} أَيْ: مِنْ عِنْدِكَ {رَحْمَةً} تُثَبِّتُ بِهَا قُلُوبَنَا، وَتَجْمَعُ بِهَا شَمْلَنَا، وَتَزِيدُنَا بِهَا إِيمَانًا وَإِيقَانًا {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأوْدِي -وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب -قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرام، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَب، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ" ثُمَّ قَرَأَ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّار، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَهِيَ (٨) أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ (٩) بْنِ السَّكَنِ، سمعها تحد ث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُكْثِرُ فِي دُعَائِهِ: "اللَّهُمَّ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ" قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ الْقَلْبَ لَيَتَقَلَّبُ (١٠) ؟ قَالَ: "نَعَمْ، مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ بَشَرٍ إِلَّا أَنَّ قَلْبَهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ شَاءَ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ". فَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا أَلَّا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً، إِنَّهُ هُوَ الْوَهَّابُ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ أَسَدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ، بِهِ مِثْلَهُ. وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنِ الْمُثَنَّى، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مِنْهَال، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامَ، بِهِ مِثْلَهُ، وَزَادَ: "قُلْتُ (١١) يَا رسول الله،


(١) زيادة من أ.
(٢) في جـ، ر، أ: "حاتم".
(٣) في أ: "فإن".
(٤) أبو يعلى في المسند برقم (٦٠١٦) ومن طريقه رواه ابن حبان في صحيحه (١/١٤٦) "الإحسان" ورواه أحمد في المسند (٢/٣٠٠) والنسائي في الكبرى (٥/٣٣) من طريق أنس بن عياض به. وليس في رواية النسائي الشك "لا أعلمه".
(٥) في جـ، أ: "يتعاظمون".
(٦) زيادة من جـ، ر، أ.
(٧) في جـ، ر: "عنهم".
(٨) في و: "عن".
(٩) في أ: "زيد".
(١٠) في و: "ليقلب".
(١١) في أ، و: "وزاد: "قالت: قلت".

<<  <  ج: ص:  >  >>