للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَلَا تُعَلِّمُنِي دَعْوَةً أَدْعُو بِهَا لِنَفْسِي؟ قَالَ: "بَلَى قُولِي: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَأَذْهِبْ غَيْظ قَلْبِي، وأجِرْنِي مِنْ مُضِلاتِ الْفِتَنِ" (١) .

ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ بِكَارٍ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْخَلَّالُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَجِ (٢) عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا يَدْعُو: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَكْثَرَ مَا تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ. فَقَالَ: "لَيْسَ مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنُ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِذَا شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِذَا شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ، أَمَا تَسْمَعِينَ قَوْلَهُ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} . غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَكِنَّ أَصْلَهُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ بِدُونِ زِيَادَةِ ذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عبد الرحمن المقري -زَادَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ: وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ التُّجيبي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكُ رَحْمَةً، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ" لَفْظُ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ (٣) .

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ -مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ-عَنْ عِبَادَةَ بْنِ نُسَيّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ قَيْسَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُنَابِحي، أَنَّهُ صَلَّى وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الْمَغْرِبَ، فَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ (٤) بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَتَيْنِ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنَّ ثِيَابِي لَتَكَادُ تَمَسُّ ثِيَابَهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ (٥) بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَهَذِهِ الآية: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا [وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ] (٦) (٧) } .

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَأَخْبَرَنِي عُبَادة بْنُ نُسَيّ: أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ عُمَرُ لِقَيْسٍ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ فَأَخْبَرَهُ بِمَا سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ثَانِيًا. قَالَ عُمَرُ: فَمَا تَرَكْنَاهَا مُنْذُ سَمِعْنَاهَا مِنْهُ، وَإِنْ كُنْتُ (٨) قَبْلَ ذَلِكَ لَعَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ


(١) ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/٨٤) والطبري في تفسيره (٦/٢١٣) ورواه أحمد في المسند (٦/٣١٥) والترمذي في السنن (٣٥٢٢) وابن أبي عاصم في السنة برقم (٢٢٣) من طريق أبي كعب صاحب الحرير عن شهر بن حوشب به. وللحديث شواهد عن عائشة وأنس وجابر والنواس بن سمعان رضي الله عنهم.
(٢) في هـ، جـ، ر، أ: "عن حسان الأعرج".
(٣) أبو داود في السنن برقم (٥٠٦١) والنسائي في الكبرى برقم (١٠٧٠١) .
(٤) في ر: "الأولتين".
(٥) في و: "يقرأ أي في الثالثة".
(٦) زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي هـ: "الآية".
(٧) رواه مالك في الموطأ (١/٧٩) .
(٨) في أ: "كعب".

<<  <  ج: ص:  >  >>