[٩٣٠] وعَن أَبِي سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الخُدرِيَّ فَسَأَلاهُ عَنِ الحَرُورِيَّةِ: هَل سَمِعتَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذكُرُهَا؟ فقَالَ: لا أَدرِي مَنِ الحَرُورِيَّةُ، وَلَكِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:(يَخرُجُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ - وَلَم يَقُل: مِنهَا - قَومٌ تَحقِرُونَ صَلاتَكُم مَعَ صَلاتِهِم، وصِيَامِكُم مَعَ صِيَامِهِم، فَيَقرَءُونَ القُرآنَ لا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُم أَو حَنَاجِرَهُم، يَمرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمرُقُ السَّهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَيَنظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهمِهِ إِلَى نَصلِهِ إِلَى رِصَافِهِ، فَيَتَمَارَى فِي الفُوقَةِ. هَل عَلِقَ بِهَا مِنَ الدَّمِ شَيءٌ.
رواه أحمد (٣/ ٦٠)، والبخاري (٥٠٥٨)، ومسلم (١٠٦٤/ ١٤٧)، وابن ماجه (١٦٩).
ــ
و(العقبة)، التي تجمع الفوق هي: الأُطرَة.
قال ابن قتيبة: الرُّعظُ: مدخل النصل في السهم. والرصاف: العقب الذي فوق الرُّعظ. قال الهروي: والرَّصَفَةُ: عقبة تلوى على مدخل النصل والسهم.
قلت: ومقصود هذا التمثيل: أن هذه الطائفة خرجت من دين الإسلام، ولم يتعلَّق بها منه شيء، كما خرج هذا السهم من هذه الرمية، الذي لشدَّة النزع، وسرعة السهم، سبق خروجُه خروج الدم، بحيث لا يتعلق به شيء ظاهر، كما قال: سبق الفرث والدم (١).
وبظاهر هذا التشبيه تمسّك من حكم بتكفيرهم من أئمتنا، وقد توقف في تكفيرهم كثير من العلماء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فيتمارى في الفوق)، وهذا يقضي بأنه يشك في أمرهم فيتوقف فيهم، وكأن القول الأول أظهر من الحديث.
فعلى القول بتكفيرهم يُقاتَلون ويُقتلون، وتُسبى أموالُهم، وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج. وعلى قول من لا يكفرهم: لا يُجهز على جريحهم، ولا يتبع منهزمهم، ولا يُقتل أسراهم،
(١) أي: سبق السهم الفرث والدم، فتجاوزهما ولم يعلق به منهما شيءٌ. والفرث: اسمٌ لما في الكرش.