للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَصَبَاحًا قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ العَينَينِ، مُشرِفُ الوَجنَتَينِ، نَاشِزُ الجَبهَةِ، كَثُّ اللِّحيَةِ، مَحلُوقُ الرَّأسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! اتَّقِ اللهَ. فَقَالَ: (وَيلَكَ أَوَلَستُ أَحَقَّ أَهلِ الأَرضِ أَن يَتَّقِيَ اللهَ؟ قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ. فَقَالَ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلا أَضرِبُ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: (لا. لَعَلَّهُ أَن يَكُونَ يُصَلِّي قَالَ خَالِدٌ: وَكَم مِن مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيسَ فِي قَلبِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنِّي لَم أُؤمَر أَن أَنقُبَ عَن قُلُوبِ النَّاسِ، وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُم) قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيهِ وَهُوَ مُقفٍّ فَقَالَ: (إِنَّهُ يَخرُجُ مِن ضِئضِئِ هَذَا قَومٌ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ رَطبًا لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُم يَمرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمرُقُ السَّهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ: (لَئِن أَدرَكتُهُم لأَقتُلَنَّهُم قَتلَ ثَمُودَ).

وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (فَمَن يُطِيع اللهَ إِن عَصَيتُهُ؟ ! أَيَأمَنُنِي الله عَلَى أَهلِ الأَرضِ وَلا تَأمَنُونِي؟ وَفِيهَا: (إِنَّ مِن ضِئضِئِ هَذَا قَومًا

ــ

في السماء): الملائكة، فإنه أمين عندهم، معروف بالأمانة. والسماء بمعنى العلو والرفعة المعنوية. وهكذا القول في قوله تعالى: {أَأَمِنتُم مَن فِي السَّمَاءِ} وقد تقدّم أن التسليم في المشكلات أسلم.

و(مشرف الوجنتين): مرتفعهما. و (كث اللحية): كثيفها، قصير شعرها، يقال: رجلٌ كث اللحية، بَيِّنُ الكثاثة والكثوثة، وأَكَثّ. و (ناشز الجبهة): باديها ومرتفعها. و (مُقف): مولٍ قفاه.

وفي هذا الحديث: أن خالدًا قال: يا رسول الله! ألا أضرب عنقه. وفي حديث جابر: أن عمر بن الخطاب قال: دعني يا رسول الله، فأقتل هذا المنافق. لا إشكال فيه؛ إذ الجمع ممكن، بأن يكون كل واحد منهما قال ذلك. وأجيب كل واحد منهما بغير ما أجيب به الآخر، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>