للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَقٍ فِيهِ تَمرٌ، فَقَال: تَصَدَّق بِهَذَا قَالَ: على أَفقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَينَ لَابَتَيهَا أَهلُ بَيتٍ أَحوَجُ إِلَيهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-

ــ

وقوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي: (اجلس)؛ انتظار منه لوجه يتخلص به مما حصل فيه، أو ليوحى إليه في ذلك.

وقوله: (فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - (١) بعرَق فيه تمر)؛ العرَق، بفتح الراء لا غير، وسُمِّي بذلك لأنه جمع عرقة، وهي الظفيرة من الخوص، وهو الزِّنبيل، بكسر الزاي على رواية الطبري، وبفتح الزاي لغيره، وهما صحيحان. وسُمِّي بذلك لأنه يحمل فيه الزبل، ذكره ابن دريد. وهذا العرق تقديره عندهم: خمسة عشر صاعًا، وهو مفسر في الحديث، وقد تقدَّم: أن الصاع أربعة أمداد. فيكون مبلغ أمداد العرق ستين مدًّا، ولهذا قال الجمهور: إن مقدار ما يدفع لكل مسكين من الستين مُدّ.

وفيه حجة للجمهور على أبي حنيفة، والثوري؛ إذ قالا: لا يجزئ أقل من نصف صاع لكل مسكين.

وقوله: (تصدَّق بهذا)؛ يلزم منه أن يكون قد ملكه إياه؛ ليتصدق به عن كفارته، ويكون هذا كقول القائل: أعتقت عبدي عن فلان، فإنه يتضمن سبقية الملك عند قوم. وأباه أصحابنا، مع الاتفاق على أن الولاء للمعتق عنه، وأن الكفارة تسقط بذلك.

وقوله: (على أفقر منا؟ ) هو محذوف همزة الاستفهام. تقديره: أَعَلَى أفقر منا؟ والمجرور متعلق بمحذوف تقديره: أنتصدق به على أحدٍ أفقر منا؟ وقد جاء في طريق أخرى: بحذف على، والرواية فيه حينئذ بالنصب على إضمار الفعل: أتجد أفقر منا؟ وقد يجوز رفعه على خبر مبتدأ؛ أي: أأحدٌ أفقر منا؟ واللابتان: حرتا المدينة، وقد تقدم.

وضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - تعجب من حاله، وسرعة


(١) ما بين حاصرتين من التلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>