رواه أحمد (٤/ ٣٦٧ و ٣٧٤)، ومسلم (١١٩٥)، وأبو داود (١٨٥٠)، والنسائي (٥/ ١٨٤).
ــ
وإقرارهم عليه! فالجواب: إن ذلك الحكم إنما يلزم على مذهبه فيما تحقق أنه صِيد لأجل المحرم، وليس في هذا الحديث ما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع بذلك، ولا ظنه، وإنما امتنع من ذلك فيما يظهر ورعًا؛ كما قال في التمرة:(لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها)(١)، والله أعلم.
وقد أجاز غير واحد من العلماء أكل ما صاده حلال لمحرم لغير ذلك المحرم؛ منهم: عثمان رضي الله عنه.
واختلفوا في حمار الصعب: هل أهداه للنبي - صلى الله عليه وسلم - حيًّا أم ميتًا؟ وقد بوَّب البخاري على هذا الحديث ما يدل: على أنه فهم من الحديث أنه كان حيًّا، وعلى هذا الفهم يستدل به: على أن المحرم يرسل ما بيده من صيد؛ لأنه لم يسوغ لنفسه مُلكه لأجل الإحرام، وفيه أبواب من أحكام الهبات لا تخفى على متأمل.
قلت: والروايات الأخر تدل على أنه كان ميتًا، وأنه أتاه بعضو منه. ويصح الجمع بين هذه الروايات المختلفة؛ إما على القول: بأنه ميت، فإنه جاء بالحمار ميتًا فوضعه بقرب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قطع منه ذلك العضو، فأتاه به، فصدق اللفظان. أو يكون أطلق اسم الحمار، وهو يريد بعضه، وهذا سائغ، وهو من باب التوسع والتجوز.
وأما إن تنزلنا على أن الحمار كان حيًّا، فيكون قد أتاه به، فلما رده عليه، وأقره
(١) رواه البخاري (٢٠٥٥)، ومسلم (١٠٧١)، وأبو داود (١٦٥١ و ١٦٥٢).