غيرها؛ لأنها لم تطف بالبيت ذلك الوقت لأجل حيضتها. وعلى هذا المعنى يحمل قولها:(لبينا بالحج)، فإنها تريد به غيرها، وأما هي فلبت بعمرة كما تقدَّم.
وأما قول صفية:(ما أراني إلا حابستكم)؛ ظنت أنها لا بدَّ لها من طواف الوداع، وأنها لا تطوف حتى تطهر، ومن ضرورة ذلك أن يحتبس عليها، فلما سمعها النبي - صلى الله عليه وسلم - ظنَّ أنها لم تطف طواف الإفاضة، فأجابها بما يدلُّ على استثقاله احتباسه بسببها، فقال:(عقرى، حلقى) الرواية فيه بغير تنوين، بألف التأنيث المقصورة.
قال القاضي: يقال للمرأة: (عقرى حلقى)؛ أي: مشوَّهة مؤذية. وقيل: تعقرهم وتحلقهم. وقيل: عقرى: ذات عقر.
و(حلقى): أصابها وجع الحلق. وقيل: هي كلمة تقولها اليهود للحائض. وقال أبو عبيد: صوابه: عقرًا، حلقًا - بالتنوين - لأن معناه: عقرها الله عقرًا. وهذا على مذهبهم - أعني: العرب - فيما يجري على ألسنتهم؛ مما ظاهره الدعاء بالمكروه، ولا يقصدونه، على ما تقدَّم في الطهارة.
وقوله:(لا بأس، انفري) دليل على: أن طواف الوداع ليس بواجب، ولا يجب بتركه دم.