وقوله:(كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها)؛ هذه المتعة التي اختلف فيها: هي فسخ الحج في العمرة التي أمرهم بها النبي - صلى الله عليه وسلم -. فكان ابن عباس يرى أن ذلك جائز لغير الصحابة، وكان ابن الزبير يرى أن ذلك خاص بهم. وهي التي قال فيها جابر بن عبد الله: على يدي دار الحديث، تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي التي منعها عمر رضي الله عنه واستدل على منعها بقول الله تعالى:{وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمرَةَ لِلَّهِ} ولا معنى لقول مَن قال: إن اختلافهما كان في الأفضل بين المتعة التي هي الجمع بين الحج والعمرة في عام واحد وسفر واحد، وبين غيرها من الإفراد والقران؛ لأنه لو كان اختلافهما في ذلك لكان استدلال عمر ضائعًا؛ إذ كان يكون استدلالاً في غير محله، غير أنه لما كان لفظ المتعة يقال عليهما بالاشتراك خفي على كثير من الناس، وكذلك يصلح هذا اللفظ لمتعة النكاح، ولذلك ذكرهما جابر عن عمر في نسق واحد. وكان ابن عباس أيضًا خالف في متعة النكاح، ولم يبلغه ناسخها على ما يأتي في النكاح إن شاء الله تعالى.
وقول جابر:(فعلناهما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نهى عنهما عمر - رضي الله عنه، فلم نعد لهما)؛ هذا يدل على أن إجماع الصحابة انعقد على ترك العمل بتينك المتعتين، وأن تينك خاصتان بهم، ممنوعتان في حق غيرهم، كما قال أبو ذر.
وقول عمر رضي الله عنه:(إن القرآن قد نزل منازله)؛ أي: استقرت أحكامه، وثبتت معالمه، فلا يقبل النسخ ولا التبديل، بعد أن توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،