يشتركون في بَدَنَة، وأنهم شاركوه في هديه. والنقل الصحيح بخلاف ذلك؛ كما تقدم في حديث جابر وغيره، وإنما أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجتمع السبعة في الهدية من بدنهم. وأحاديث جابر مُصرحة: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بذلك في الحديبية، وفي حجة الوداع. وبهذه الأحاديث تمسَّك الجمهور من السلف وغيرهم على جواز في الهدي. وممن قال بهذا ابن عمر، وأنس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وطاوس، وسالم، وعمرو بن دينار، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، حكاه ابن المنذر. قال: وقد روينا عن ابن عباس: أنه قال: البدنة عن سبعة، وإن تمتعوا. وبه قال عطاء، وطاوس، وعمرو بن دينار، والثوري، والشافعي. قال: وقد روينا عن سعيد بن المسيب: أنه قال: تجزئ الجزور عن عشرة. وبه قال إسحاق.
قلتُ: وظاهر ما حكاه ابن المنذر: أنهم اشتركوا في الثمن، وأنهم سوّوا في ذلك بين الهدي الواجب والتطوّع، من غير تقييد، ولا تفصيل. قد فصل غيره الخلاف فقال: إن الشافعي يجيزه في الواجب، وإن كان بعضهم يريد اللحم، وبعضهم يريد الفدية. وأبو حنيفة يجيزه إذا أراد جميعهم الفدية؛ حكاه الإمام أبو عبد الله، وقال: عندنا في التطوع قولان. قال ابن المنذر، وقال مالك: لا يشترك في شيء من الهدي، ولا من البدن، ولا النسك في الفدية، ولا في شيء مما ذكرناه.
قلت: وكأن هذا الذي صار إليه مالك مستنده قول الله تعالى: {فَمَا استَيسَرَ مِنَ الهَديِ} وأقل ما يطلق عليه اسم الهدي شاة، ولم يقل فيه أحدٌ هو جزءٌ مُسمَّى من اللحم. وقوله تعالى:{فَفِديَةٌ مِن صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ}