رواه مسلم (١٣١٨)(٣٥٥)، وأبو داود (٢٨٠٧)، والترمذي (٩٠٤)، والنسائي (٧/ ٢٢٢).
ــ
وقد فسَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - النسك بشاة في حديث كعب بن عجرة (١)، فكان ذلك أقل ما ينطلق عليه الاسم، فكأن هو المتعيِّن، ولأنهم قد اتفقوا: على أنه لا يجوز في الهدايا المريض البيِّن المرض، ولا المعيب بنقص عضو. وإذا كان كذلك مع صدق الاسم عليه فأحرى وأولى ألا يجوز جزءٌ من اللحم. واعتذر عن حديث جابر: بأن ذلك كان في التطوع. وهو مستند أحد القولين المتقدمين، وليس بالمشهور عن مالك. وبأن تلك الأحاديث ليس فيها تصريح بالاشتراك في الثمن، فلعلَّه قصد التشريك في الثواب، أو التشريك في قسمة الجزور، حتى تقسم البدنة أو الجزور سبع قسم بين سبعة نَفَر. والله أعلم.
وقد أشار إلى هذا جابر فقال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أحللنا أن نهدي، ويجتمع النفر منا في الهدية، فإنه مشعر بأن التشريك إنما وقع بعد انفراد المهدي بالهدي، فتأمله.
وهذا الخلاف إنما هو في الإبل والبقر. وأما الغنم: فلا يجوز الاشتراك فيها اتفاقًا. وقد قدمنا أن اسم البدنة مأخوذ من البدانة. وهي عِظَم الجسم. وأن الجزور من الجزر، وهو: القطع. وأن الجزور من الإبل، والجزرة من الغنم. وقد فرق في حديث جابر بين البدن والجزور؛ لأنه أراد بالبدنة ما ابتدئ هديه عند الإحرام. وبالجزور ما اشتري بعد ذلك للنحر. فكأنه ظهر للسائل: أن شأن هذه، أخف في أمر الاشتراك مما أهدي من البدن. فأجابه بما معناه: أن الجزور لما اشتريت للنسك صار حكمها حكم البدن.
قلت: وقد سمعت من بعض مشايخنا: أن البدنة في هذا الحديث من الإبل.