للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الحَجِّ، وَهُوَ لَا يَستَطِيعُ أَن يَستَوِيَ عَلَى ظَهرِ بَعِيرِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: فَحُجِّي عَنهُ.

ــ

الرواية، وإنما قال لها ذلك لما رأى من حرصها على إيصال الخير والثواب لأبيها، فأجابها إلى ذلك. كما قال للأخرى التي قالت: إن أمي نذرت أن تحجَّ، فلم تحجَّ حتى ماتت، أفأحجَّ عنها؟ فقال: (حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته عنها؟ ) قالت: نعم (١)؛ ففي هذا ما يدل على أنه من باب التطوُّعات، وإيصال الخير والبرِّ للأموات. ألا ترى أنه قد شبَّه فعل الحج بالدَّين؟ ! وبالإجماع: لو مات ميت (٢) وعليه دين لم يجب على وليه قضاؤه من ماله، فإن تطوع بذلك تأدَّى الدين عنه. ولا يبعد في كرم الله وفضله إذا حجَّ الولي عن الميت الصَّرورة (٣) أن يعفو الله عن الميت بذلك، ويثيبه عليه، أو لا يطالبه بتفريطه. وقد تقدَّم الكلام على هذا المعنى في الصوم. ولم يتعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - لقولها؛ لأنه فهم أن مرادها الاحتمال الذي قدمناه. والله تعالى أعلم.

قلت: وقد قال بعض أصحابنا - وهو أبو عمر بن عبد البر -: حديث الخثعمية عند مالك وأصحابه مخصوص بها. وقال آخرون: فيه اضطراب. قلت: وفي هذين القولين بُعد. والصحيح ما قدَّمته. والله أعلم.

وقد قال بعض أصحابنا بموجب حديث الخثعمية فقال: لا تجوز النيابة في الحج إلا للابن عن أبيه خاصة. وفي هذا الحديث ردٌّ على الحسن بن حييِّ حيث قال: لا يجوز حج المرأة عن الرجل.

وقد اختلف العلماء في النيابة في الحج قديمًا وحديثًا. فحكي عن النخعي


(١) رواه مسلم (١١٤٨)، وأبو داود (٣٣٠٧)، والترمذي (٧١٦).
(٢) من (هـ) و (ج).
(٣) "الصرورة": الذي لم يحجَّ قطُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>