للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهُم غَارُّونَ، وَأَنعَامُهُم تُسقَى عَلَى المَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُم، وَسَبَى سَبيَهُم، وَأَصَابَ يَومَئِذٍ، قَالَ يَحيَى بن يحيى: أَحسِبُهُ قَالَ: جُوَيرِيَةَ، (أَو قَالَ: البَتَّةَ) ابنَةَ الحَارِثِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: وَأَصَابَ يَومَئِذ جويرية بنت الحارث. ولم يشك.

ــ

ومنهم من ذهب إلى أنها واجبة مطلقًا، متمسّكًا بظاهر وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك أمراءه، ولم تصلح عنده قضية بني المصطلق لأن تكون ناسخة لذلك؛ لأن تلك الوصايا (١) تقعيد قاعدة عامة، وقضية بني المصطلق قضية في عين (٢)؛ ولأن الوصية قول، وقضية بني المصطلق فعل، والفعل لا ينسخ القول على ما يُعرف في الأصول. والذي يجمع بين هذه الأحاديث صريح مذهب مالك، وهو أنه قال: لا يقاتل الكفار قبل أن يُدعَوا، ولا تلتمس غرّتهم، إلا أن يكونوا ممن بلغتهم الدعوة، فيجوز أن تؤخذ غرتهم. وعلى هذا فيحمل حديث بني المصطلق: على أنهم كانوا قد بلغتهم الدعوة، وعرفوا ما يطلبه المسلمون منهم. وهذا الذي صار إليه مالك هو الصحيح؛ لأن فائدة الدَّعوة أن يعرف العدو أن المسلمين لا يقاتلون للدنيا، ولا للعصبية، وإنما يقاتلون للدِّين. وإذا علموا بذلك أمكن أن يكون ذلك سببًا مُمِيلًا لهم إلى الانقياد للحق بخلاف ما إذا جهلوا مقصود المسلمين، فقد يظنون أنهم يقاتلون للملك، وللدنيا، فيزيدون عتوًّا، وتعصبًا.

وقوله: (أغار عليهم)؛ أي: أرسل عليهم الغارة، وهي الخيل التي تغير في أول النهار. وغارون: غافلون. والغرة: الغفلة. والأنعام: الإبل، والبقر، والغنم. والمقاتلة: الصالحون للقتال، المطيقون له. والسبي: الذراري، والنساء.

وقوله: (وأصاب يومئذ)؛ قال يحيى (٣): أحسبه قال: جويرية، أو قال: ابنة


(١) في (ز) و (هـ): القضية، والمثبت من (ع).
(٢) أي: في ذاتها.
(٣) هو: يحيى بن يحيى التميمي، روى مسلمٌ هذا الحديثَ عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>