للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالأَرضُ، أَتَعلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَا نُورَثُ، مَا تَرَكنَا صَدَقَةٌ؟

ــ

المبتدأ الذي هو: (ما تركنا)، والكلام جملتان: الأولى: فعلية، والثانية: اسمية. لا خلاف بين المحدثين في هذا. وقد صحَّفه بعض الشيعة، فقال: (لا يورث - بالياء - ما تركنا صدقة) - بالنصب -، وجعل الكلام جملة واحدة، على أن يجعل (ما) مفعولًا لما لم يسم فاعله. و (صدقة) ينصب على الحال. ويكون معنى الكلام: إنما نتركه صدقة لا يورث، وإنما فعلوا هذا، واقتحموا هذا المحرم، لما يلزمهم على رواية الجمهور من إفساد قولهم، ومذهبهم، أنهم يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم -: يورث كما يورث غيره، متمسكين بعموم آية المواريث، معرضين عمَّا كان معلومًا عند الصحابة من الحديث الذي يدل على خصوصية النبي - صلى الله عليه وسلم -: بأنه لا يورث.

وقد حكى الخطابي حكاية تدل على صحة مذهب أهل السُّنة، وعلى بطلان مذهب أهل البدع: حكي عن ابن الأعرابي: أن أبا العبَّاس السفاح قام في أول مقام قامه خطيبًا في قرية تسمى: العباسية بالأنبار، فحمد الله وأثنى عليه، فلما جاء عند الفراغ، قام إليه رجلٌ، وفي عنقه المصحف، فقال: يا أمير المؤمنين! أذكرك الله الذي ذكرته إلا ما قضيت لي على خصمي بما في كتاب الله. فقال: ومن خصمك؟ قال: أبو بكر الذي منع فاطمة فدك. فقال: هل كان بعده أحد؟ قال: نعم. قال: ومن؟ قال: عمر. قال: فأقام على ظلمكم؟ قال: نعم. قال: فهل كان بعده أحد؟ قال: نعم. قال: فمن؟ قال: عثمان. قال: فأقام على ظلمكم؟ قال: نعم. قال: فهل كان بعده أحد؟ قال: نعم. قال: فمن؟ قال: علي بن أبي طالب. قال: فأقام على ظلمكم؟ قال: فأسكت (١) الرجل، وجعل يلتفت يمينًا وشمالًا يطلب مخلصًا. فقال أبو العباس: والله الذي لا اله إلا هو لولا أنه أول مقام قمته، ولم أكن تقدمت إليك، لأخذت الذي فيه عيناك، اجلس. ثم أخذ في خطبته.


(١) في (ع) و (ج): فأمسك.

<<  <  ج: ص:  >  >>