للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنجِزُ لك مَا وَعَدَكَ، فَأَنزَلَ اللَّهُ تعالى: {إِذ تَستَغِيثُونَ رَبَّكُم فَاستَجَابَ لَكُم أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفِينَ}

ــ

الأنبياء، فحاله مع من ليس بنبي أعلى وأكمل، وهو فيها أقوى. وكيف لا يكون حاله في هذه القصة أتم، وأقوى من حال أبي بكر؛ وقبل ذلك الوقت بيسير كان قد أخبر أصحابه: بأن الله ينصره على عدوه ذلك، حتى (١) أراهم مصارعَهُم واحدًا واحدًا باسمه وعينه، فكان الأمر كما ذكر، فثبت ما قلناه.

وقوله: (كفاك مناشدتك ربك)؛ هكذا رواية العذري: (كفاك) -بالفاء- ورواية الكافة: (كذاك مناشدتك ربك). ورواه البخاري: (حسبك). وكلها متقاربة، إلا أن: (كذاك)، بابها باب الإغراء، كـ (إليك)، كما أنشدوا:

يقلن وقد تلاحقت المطايا ... كذاك القول إنَّ عليك عينًا

والرواية: (مناشدتك) بالرفع على أنه فاعل ما في كفاك، وكذاك من معنى الفعل. وقد ضبط عن أبي بحر بالنصب على المفعول، ويكون الفاعل مضمرًا في الأمر المقدَّر الذي ناب (كذاك) عنه.

وقوله تعالى: {إِذ تَستَغِيثُونَ رَبَّكُم}؛ أي: تطلبون منه الغوث، وهو النصر: {فَاستَجَابَ لَكُم}؛ أي: أجاب. {مُمِدُّكُم}: مقوِّيكم ومعينكم. {مُردِفِينَ} - بفتح الدال - اسم مفعول؛ أي: أردف الله بهم المسلمين. وبكسر الدال: اسم فاعل. قال أبو علي: يحتمل وجهين:

أحدهما: مردفين مثلهم. يقال: أردفت زيدًا دابتي، فيكون المفعول الثاني محذوفًا.


(١) في (ع): حيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>