للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٣٠٢] وعَن أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَامَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ يَومَ صِفِّينَ فَقَالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا أَنفُسَكُم، لَقَد كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَومَ الحُدَيبِيَةِ، وَلَو نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلنَا. وَذَلِكَ فِي الصُّلحِ الَّذِي كَانَ بَينَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَبَينَ

ــ

على دينك إلا رددته إلينا (١). وهذا نص، وعلى هذا: فلا يحتاج إلى اعتذار عن حبس النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء اللاتي أسلمن وهاجرن إلى المدينة. ولا أن نقول في قوله تعالى: {فَلا تَرجِعُوهُنَّ إِلَى الكُفَّارِ} أنه ناسخ. والأكثر على أنهن دخلن في ذلك العموم. وقد روي أن سبيعة بنت الحارث الأسلمي جاء زوجها صيفي يطلبها، وكانت أسلمت، وهاجرت. وكذلك أم كلثوم بنت عقبة، فجاء زوجها: مسافر يطلبها بالشرط، فأنزل الله تعالى الآية في النهي عن ردهن، ورأوا: أن هذه الآية ناسخة لما تقرر بالشرط المتقدَّم؛ الذي هو: ردهن إلى الكفار. والطريقة الأولى أحسن، وأبعد عن الإشكال؛ إذ لم يدخلن في الشرط.

ثم اختلفوا: فيما إذا صولح العدو على مثل هذا الشرط. فذهب الكوفيون: إلى أن ذلك لا يجوز؛ لا في الرجال ولا في النساء. ورأوا: أن كل ذلك منسوخ.

ونحوه حكى مكي في الناسخ والمنسوخ له عن المذهب. وذهب مالك في المشهور عنه، وحكي عن أصحاب الشافعي جواز ذلك، ولزومه في الرجال دون النساء، لكن بشرط أن يكونوا مأمونين على دمه (٢).

وقيل: إنما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك لضعف المسلمين عن مقاومة عدوهم في ذلك الوقت، وذلك لأنه إنما رد من رد ممن جاء مسلمًا لآبائهم، وذوي أرحامهم؛ لعطفهم عليهم، ولحبهم فيهم، ولصحة إسلام من أسلم منهم، وللذي علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- من حال من رد: أنه سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا، وكذلك كان. وكل هذه الأمور معدومة في حق غيره -صلى الله عليه وسلم-، فلا يحتج بتلك القضية على جواز ذلك. والله تعالى أعلم.


(١) رواه البخاري (٢٧٣١ و ٢٧٣٢).
(٢) في (ز): دينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>