للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: أَلَيسَ قَتلَانَا فِي الجَنَّةِ وَقَتلَاهُم فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَعَلَامَ نُعطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟ وَنَرجِعُ وَلَمَّا يَحكُمِ اللَّهُ بَينَنَا وَبَينَهُم؟ قَالَ: يَا بنَ الخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَلَن يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا. قَالَ: فَنَزَلَ القُرآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِالفَتحِ، فَأَرسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقرَأَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوفَتحٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَم. فَطَابَت نَفسُهُ وَرَجَعَ.

وَفِي رِوَاية: قال: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا رَأيَكُم، وَاللَّهِ لَقَد رَأَيتُنِي يَومَ أَبِي جَندَلٍ، وَلَو أَنِّي أَستَطِيعُ أَن أَرُدَّ أَمرَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- لَرَدَدتُهُ، وَاللَّهِ مَا وَضَعنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا إِلَى أَمرٍ قَطُّ إِلَّا أَسهَلنَ بِنَا إِلَى أَمرٍ نَعرِفُهُ، إِلَّا أَمرَكُم هَذَا.

ــ

وقول سهل بن حنيف: (ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر قط إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه، إلا أمركم هذا)؛ وضعنا: رفعنا هنا؛ أي: وضعناها على عواتقنا. والعواتق: جمع عاتق، وهو من المنكب وما يليه إلى العنق، وهو الكاهل، والكتد، والثبج (١).

و(أسهلن)؛ أي: حملتنا إلى مر سهل، وهو من: أسهل: إذا دخل سهلًا من الأرض، كأنجد، وأشأم، وأعرق: إذا دخل تلك المواضع.

ويعني بهذا الكلام: أن كل قتال قاتل فيه ما رفع سيفه فيه إلا عن بصيرة لعاقبة أمره، فسهل عليه بسببها ما يلقاه من مشقات الحروب، غير تلك الأمور التي كانوا فيها، فكانوا كلما لاح لهم فيها مصلحة وعاقبة حسنة ظهر لهم نقيضها. ويدل على صحة هذا قوله: (ما فتحنا منها من خصم إلا انفجر علينا منه خصم). أصل الخصم: طرف الشيء وجانبه الذي يؤخذ به. وخصم الراوية: طرفها. وخُصم العِدل: جانبه الذي يؤخذ به.


(١) "الكَتِد": مجتمع الكتفين من الإنسان والفرس. و"الثَّبَج": ما بين الكاهل إلى الظهر.
وقيل: ثبج كلِّ شيء: وسطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>