للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلبَصَرِ، وَأَحصَنُ لِلفَرجِ،

ــ

تحصين الفرج، وغَضِّ البصر بالعقد. بل: إنّما يحصل كلُّ ذلك بالوطء، وهو الذي يحصل دفع الشَّبق إليه بالصوم. فما ذهبوا إليه لم يتناوله الحديث. وما تناوله الحديثُ لم يذهبوا إليه. وذلك دليل على سوء فهمهم، وقلة فطنتهم.

ولا حجة لهم في قوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ} الآية؛ لأنَّه أمرٌ قُصِدَ به بيانُ ما يجوز الجمع بينه من أعداد النساء، لا أنَّه قصد به حكم أصل القاعدة.

ولا حجة لهم في قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُم وَالصَّالِحِينَ مِن عِبَادِكُم}؛ فإنَّه أمرٌ للأولياء بالإنكاح، لا للأزواج بالنِّكاح.

وأغض: أسدُّ (١). وأحصن: أمنع.

و(قوله: فعليه بالصوم) قال الإمام أبو عبد الله: فيه إغراءٌ بالغائب، ومن أصول النحويين ألا يُغرى بغائبٍ، وقد جاء شاذًّا قول بعضهم: عليه رجلًا ليسني؛ على جهة الإغراء. قال القاضي أبو الفضل عياض: هذا الكلام لأبي محمد بن قتيبة والزَّجَّاجي وبعضهم، ولكن على قائله أغاليط ثلاثة:

أولها: قوله: لا يجوز الإغراء بالغائب، وصوابه: لا يجوز إغراء الغائب، أو لا يُغرَى غائبٌ. فأمَّا الإغراء بالشاهد والغائب فجائزٌ. وهكذا نصَّ أبو عبيد في هذا الحديث، وكذلك كلام (٢) سيبويه ومَن بعده من أئمة هذا الشأن قالوا: وإنَّما يؤمر بمثل هذا الحاضر، والمخَاطَب، ولا يجوز: دونه زيدًا، ولا: عليه زيدًا - وأنت تريد غير المخاطب -؛ لأنه ليس بفعل له، ولا تصرّف تصرّفه. وإنما جاز


(١) في اللسان: غضَّ طرفه وبصره: كفّه، وخفضه، وكسره.
(٢) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>