للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ عَبدُ اللَّهِ إِذَا سُئِلَ عَن ذَلِكَ، قَالَ لِأَحَدِهِم: إمَّا أَنتَ طلقتَ امرَأَتَكَ مَرَّةً أَو مَرَّتَينِ؛

ــ

أي: لم تجمع في جوفها، أو التَّغير من حال إلى حال، كما قالوا: قرأ النَّجم: إذا أفل، وإذا ظهر. وكل واحد من الأصلين موجود في المُسمَّى: قرءا.

أمَّا الأول: فلأن الدَّم (١) يجتمع في الرَّحم في أيام الطهر، ثم يجتمع في الخروج في أيام الحيض. وأيضًا: فإن الطهر، والحيض يتصل أحدهما بالآخر، ويجتمع معه.

وأمَّا الثاني: فانتقال المرأة من حال الحيض إلى حال الطهر محسوس، وحال القرء فيما ذكرناه كحال الصريم، فإنه ينطلق على الليل والنهار؛ لأن كل واحد منهما ينصرم عن صاحبه. وعند الوقوف على ما ذكرناه يحصل الانفصال عما ألزمنا الحنفية من إطلاق القرء على بعض قرء، فإنه إذا كان القرء: الجمع بين الطهر والحيض، فلو طلقها في آخر الطهر الذي مسَّ فيه فقد صحَّ مسمَّى القرء؛ لاجتماع الدَّم معه. وقد انفصل حالها من الطهر إلى الحيض، فصحَّ الاسم، والله الموفق.

وقد أجاب أصحابنا بجواب آخر، وهو: أن قوله: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} كقوله تعالى: {الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلُومَاتٌ} وهي شهران وبعض شهر. وسِرُّه: أنَّ البعض بالنسبة إلى الكل قد لا يلتفت إليه، والله تعالى أعلم.

وأمَّا ما ذهب إليه ابن شهاب: فليس بشيء؛ لأنه انفرد به دون العلماء، ولأنه إذا ألغى ذلك أضرَّ بالمرأة، وزاد في تطويل العدّة طولًا كثيرًا، فإنَّه يلغي ذلك الطُّهر، والدَّم الذي بعده، فتشتد المضرَّة عليها، ويحصل الحرج المرفوع بأصل الشريعة.

وقول ابن عمر رضي الله عنهما: (إمَّا أنت طلقت امرأتك مرة أو مرتين؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا. وإن كنت طلقتها ثلاثًا، فقد حرمت عليك،


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>