للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا، وَإِن كُنتَ طلقتَهَا ثَلَاثًا فَقَد حَرُمَت عَلَيكَ، حَتَّى تَنكِحَ زَوجًا غَيرَكَ، وَعَصَيتَ اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكَ مِن طلاق امرَأَتِكَ.

ــ

وعصيت ربَّك). (إمَّا أنت): هو بكسر الهمزة؛ كقولهم:

أبا خُراشة إِمَّا أنتَ ذا نَفَرِ ... فإن قوّمِيَ لم تَأكُلهُم الضَّبُعُ

أي: إن كنت. فحذفوا الفعل الذي يلي (إن) وجعلوا (ما) عوضًا منه، وأدغموا (إن) في (ما) ووضعوا (أنت) مكان (التاء) في كنت. هذا قول النحويين.

و(قوله: وعصيت ربك) يعني: بالطلاق ثلاثًا في كلمة. وظاهره: أنه مُحَرَّم، وهو قول ابن عباس المشهور عنه، وعمر بن الخطاب، وعمران بن حصين. وإليه ذهب مالك. وقال الكوفيون: إنه غير جائز، وإنه للبدعة.

وقال الشافعي: له أن يطلق واحدة، أو اثنتين، أو ثلاثًا. كل ذلك سُنَّة. ومثله قال أحمد بن حنبل، إلا أنَّه قال: أحبُّ إليَّ أن يوقع واحدةً. وهو الاختيار. والأول أولى؛ لما يأتي إن شاء الله تعالى.

و(قوله: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا) إشارة إلى أمره صلى الله عليه وسلم بالمراجعة. فكأنَّه قال للسائل: إن طلقت تطليقة أو تطليقتين فأنت مأمور بالمراجعة لأجل الحيض، وإن طلقت ثلاثًا (١) لم تكن لك مراجعة؛ لأنها لا تحل لك (٢) إلا بعد زوج. وكذا جاء مفسَّرًا في رواية أخرى في الأم.

و(قوله: وإن كنت طلقت ثلاثًا؛ فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك، وعصيت الله) دليلٌ على أن الطلاق الثلاث من كلمة واحدة محرَّم لازم إذا وقع


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٢) ليس في (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>