للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القراءة المشهورة؛ أي: عاتبها على ذلك. وأعرض عن بعضه، فلم يبالغ في المعاتبة عملًا بمكارم الأخلاق، وحسن المصاحبة. وقرأه الكسائي بتخفيف الراء، من: (عَرَفَ) ومعناه: جازى عليه؛ بأن غضب. يقال: عرفتُ حقَّك؛ أي: جازيتُك عليه. و (لأعرفنَّ حقك) بمعناه. وقال الضحاك: إن الذي أعرض عنه حديث الخلافة لئلا ينتشر. وهذا بناه: على أنَّه هو الحديث الذي أسرَّه لحفصة. وهذا القول ليس بشيء؛ إذ لم يثبت بذلك نقل، ولم يدلّ عليه عقل. بل النقل الصحيح ما ذكرناه.

و(قوله: {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَت مَن أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ}؛ يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم حفصة بالخبر الذي أفشته، فقالت مستفهمة عمن أعلمه بذلك: {مَن أَنبَأَكَ هَذَا}؟ وكأنها خَطَر ببالها أن أحدًا من أزواجه أو غيرهن أخبره. فأجابها بأن قال: {نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ}؛ أي: العليم بالسرائر، الخبير بما تجنُّه الضمائر. ثم قال تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَد صَغَت قُلُوبُكُمَا}؛ يخاطب عائشة وحفصة، وهذا يدلُّ على أن الصحيح من الروايات رواية من روى أن هذه القصة إنما جرت لعائشة وحفصة (١)؛ لأجل العسل الذي شرب عند زينب، أو لأجل مارية، وأنهما هما اللتان تظاهرتا عليه، كما جاء نصًّا من حديث ابن عبَّاس عن عمر على ما يأتي. وهو رواية حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمر، عن عائشة.

وأمَّا رواية أبي أسامة التي ذكر فيها: أن المتظاهرات عليه: عائشة (٢) وسودة وصفية (٣)؛ فليست بصحيحة؛ لأنها مخالفة للتلاوة؛ فإنها جاءت بلفظ خطاب الاثنتين. ولو كان كذلك لجاءت بخطاب جماعة المؤنث. قال أبو محمد الأصيلي: حديث الحجاج أصحّ طرقه. وهو أولى


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (م).
(٣) في (ع): حفصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>