للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُستَسعَى فِي نَصِيبِ الَّذِي لَم يُعتِق غَيرَ مَشقُوقٍ عَلَيهِ.

ــ

و(قوله: وعتق عليه العبد) (عَتَق) - بفتح العين والتاء، مبنيًّا للفاعل، واسم الفاعل: عتيق. ولا يقال مبنيًّا لما لم يسمِّ فاعله إلا بهمزة التعدية، فيقال: أُعتِق، فهو: مُعتَق.

ويستفاد منه: أن من حكم عليه بالعتق نسب إليه، وإن كان كارهًا. وإذا صحت نسبته إليه ثبت الولاء له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الولاء لمن أعتق) (١).

وظاهر هذا الحديث: أن العتق لا يكمل للعبد إلا بعد التقويم ودفع القيمة إلى الشريك. وهو مشهور قول مالك وأصحابه، والشافعي في القديم، وبه قال أهل الظاهر. وعليه فيكون المعتق بعضه قبل التقويم والدفع حكم العبد مطلقا. ولو مات لم يقوَّم على المعتق. ولو أعتق الشريك نفذ عتقه، وكان الولاء بينهما.

وذهبت طائفة أخرى: إلى أن عتق البعض يسري إلى نصيب الشريك، فيلزم التكميل على الأول إن كان موسرًا، ولا يقف ذلك على تقويم، ولا حكم، ولا دفع. وإليه ذهب الثوري، والأوزاعي. وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، ومالك، والشافعي في قولهما الآخر.

وعلى هذا فيكون حكم المعتق بعضه حكم الأحرار مطلقا من يوم العتق. ولو أعتق الشريك لم ينفذ عتقه. ولو مات العبد قبل التقويم ودفع القيمة مات حرًّا. ومتمسَّك هؤلاء حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ الذي قال فيه: (من أعتق شقصًا له في عبد فخلاصُه في ماله إن كان له مال) (٢). وأظهر من هذا: ما رواه النسائي من حديث ابن عمر وجابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق عبدًا وله فيه شركاء، وله وفاء فهو حُرٌّ، ويضمن نصيب شركائه بقيمته لما أساء من مشاركتهم) (٣).


(١) سيأتي تخريجه في التلخيص برقم (١٨٧٢).
(٢) هو الحديث رقم (١٨٧١) في التلخيص.
(٣) رواه النسائي في الكبرى (٤٩٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>