للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: قَالَ عليه الصلاة والسلام فِي المَملُوكِ بَينَ الرَّجُلَينِ فَيُعتِقُ أَحَدُهُمَا قَالَ: يَضمَنُ.

ــ

قلت: وهذا التمسك ليس بصحيح لما يقتضيه النظر الأصولي. وذلك: أن هذه الأحاديث وإن تعدد رواتها، وكثرت ألفاظها؛ فمقصودها كلها واحد. وهو: بيان حكم من أعتق شركًا في عبدٍ، فهي قضية واحدة. غير أن من ألفاظ الرواة ما هو مقيَّد، ومنها ما هو مطلق، فيحمل مطلقها على مقيدها. وقد اتفق الأصوليون على ذلك، فيما إذا اتحدت القضية. وهذا من ذلك النوع المتفق عليه، ثم إن هذا من باب الجمع بين الأحاديث الواردة في هذا المعنى. والجمع أولى من الترجيح إذا أمكن باتفاق أهل الأصول. ثم ظاهر ذلك اللفظ الأول: أنَّه لو وجد التقويم دون الإعطاء لم يكمل الإعتاق إلا بمجموعهما. وهو ظاهر حكاية الأصحاب عن المذهب، غير أن سحنونًا قال: أجمع أصحابنا: على أن من أعتق شقصًا له في عبد إنَّه بتقويم الإمام عليه حُرٌّ بغير إحداث حكم. فظاهر هذا: أن نفس التقويم على الموسر موجب للحرية، وإن لم يكن إعطاء، وفيه بُعدٌ؛ لأن التقويم لو كان محصِّلًا للعتق للزم الشريك أن يتبع ذمة المعتق إذا أعسر بالقيمة بعد التقويم. وذلك لا يتمشى؛ لا على القول بالسِّراية، ولا على مراعاة التقويم ولا على قوله: (وعتق عليه) (١).

و(قوله: وإلا فقد عتق منه ما عتق (٢)). ذكره مالك عن نافع على أنّه من قول النبي صلى الله عليه وسلم وجزم بذلك. وهو الظاهر من مساق الحديث. فروايته أولى من رواية أيوب عن نافع، حيث اضطرب في ذلك. فقال مرة: قال نافع: (وإلا فقد عتق منه ما عتق) (٣) ومرة قال: فلا أدري، أشيء قاله نافع، أم هو من الحديث؛ لأن


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع) و (ج ٢).
(٢) في (ع): فلا وقوله: وإلا فقد عتق عليه وفي (ل ١) و (ج ٢) فلا وقوله: وإلا فقد عتق منه ما عتق. وما أثبتناه يقتضيه السياق، والله أعلم.
(٣) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>