للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِكَ قَالَت: فَانتَهَرتُهَا فَقَالَت: لَا هَا اللَّهِ إِذن قَالَت فَسَمِعَ

ــ

أنها قالت لها: (أرأيت إن عددت لهم عدَّة واحدة، أيبيعك أهلك فأعتِقَكِ، ويكون ولاؤكِ لِي) (١) ليس بتعارض بين الروايتين، وإنما هو نقل بالمعنى على عادتهم الأكثرية في ذلك. وفيه دليل على صحَّة ما قلناه: أنها إنما اشترتها للعتق مع إمكان أن يكون ذلك عند عجزها عن أداء ما تَعَيَّن عليها من الكتابة.

و(قول عائشة: فانتهرتها) يعني: أنها عظم عليها أن تشتريها بمالها لتعتقها، ثم يكون ولاؤها لمن باعها، وأخذ ثمنها. فبأي طريق يستحق الولاء، ولا طريق له يستحقه به!

ثم وقع بعد قول عائشة: (فانتهرتها) فقالت: (لا ها الله إذًا). كذا لأكثر الرواة: (فقالت) وظاهره: أن هذا قول بريرة أجابت به عائشة لما انتهرتها مستلطفة لها، ومُسكّنة. فكأنها قالت: فإذا كان ذلك، يعني: موجدة عائشة. فلا أستعينك على شيء. ويحتمل أن يكون الراوي أخبر به عن عائشة، ويؤيده ما قد وقع في بعض النسخ: (فقلت) مكان (قالت) وعلى هذا: فيكون من قول عائشة، ويكون معناه: أن أهل بريرة لما أبوا إلا اشتراط الولاء لهم امتنعت من الشراء والعتق؛ لأجل الشرط، وأقسمت على ذلك بقولها: (لا ها الله إذًا). والرواية المشهورة في هذا اللفظ: (هاء) بالمد والهمز، و (إذًا) بالهمز والتنوين، التي هي حرف جواب. وقد قيّده العذري، والهوزني بقصرها، وبإسقاط الألف من (إذًا) فيكون: (ذا). واستصوب ذلك جماعة من العلماء، منهم: القاضي إسماعيل، والمازري، وغيرهما. قالوا: وغيره خطأ. قالوا: ومعناه: ذا يميني. وصوَّب أبو زيد وغيره المدّ والقصر. قال: و (ذا) صلة في الكلام. وليس في كلامهم: (لا ها الله إذًا). وفي البارع (٢): قال أبو حاتم: يقال: (لا ها الله ذا) في القسم،


(١) رواه البخاري (٢٥٦٠).
(٢) "البارع في غريب الحديث" للشيخ أبي علي إسماعيل بن القاسم اللغوي القالي (توفي سنة ٣٥٦ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>