للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والعرب تقوله بالهمز، والقياس تَركُه. والمعنى: لا والله، هذا ما أقسم به. فأدخل اسم الله بين (ها) و (ذا). انتهى كلامهم.

قلت: ويظهر لي: أن الرواية المشهورة صوابٌ، وليست بخطأ. ووجه ذلك: أن هذا الكلام قسم على جواب إحداهما للأخرى على ما قررناه آنفًا. والهاء هنا: هي التي يعوَّض بها عن تاء القسم، فإن العرب تقول: آلله لأفعلنَّ - ممدودة الهمزة، ومقصورتها -، ثم إنهم عوَّضوا من الهمزة (هاء) فقالوا: ها الله؛ لتقارب مخرجيهما، كما قد أبدلوها منها في قولهم:

ألا يا سَنَا بَرقٍ على قللِ الحِمَى ... لِهَنَّك مِن بَرقٍ عليَّ كريم

وقالوا: فهيَّاك والأمر فهياك والأمر الذي إن توسعت موارده ضاقت عليك مصادره (١) ولَمَّا كانت الهاءُ بدلًا من الهمزة، وفيها المدُّ والقصر، فالهاء تمدُّ وتقصر، كما قد حكاها أبو زيد. وتحقيقه أن الذي مدَّ مع الهاء كأنَّه نطق بهمزتين أبدل من إحداهما ألفًا استثقالًا لاجتماعهما، كما تقول: آلله. والذي قصر كأنَّه نطق بهمزةٍ واحدةٍ، فلم يحتج إلى المدِّ، كما تقول: الله.

وأما (إذا) فهي بلا شك حرف جواب، وتعليل. وهي مثل التي وقعت في قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: (أينقص الرطب إذا يبس؟ ) (٢) فقالوا: نعم. قال: (فلا إذًا) (٣). فلو قال: فلا والله إذًا، لكان مساويًا لهذه من كل وجهٍ، لكنَّه لم يحتج إلى القسم، فلم يذكره. وقد بيَّنَّا تقدير المعنى، ومناسبته، واستقامته معنى ووضعًا


(١) ما بين حاصرتين سقط من (م).
(٢) في (م): جفَّ.
(٣) رواه أحمد (٢/ ١٧٥)، وأبو داود (٣٣٥٩)، والترمذي (١٢٢٥)، والنسائي (٧/ ٢٦٩)، وابن ماجه (٢٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>