للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَنِي فَأَخبَرتُهُ فَقَالَ: اشتَرِيهَا، وَأَعتِقِيهَا، وَاشتَرِطِي لَهُم الوَلَاءَ فَإِنَّ الوَلَاءَ لِمَن أَعتَقَ فَفَعَلتُ. قَالَت: ثُمَّ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثنَى عَلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعدُ فَمَا بَالُ أَقوَامٍ يَشتَرِطُونَ

ــ

من غير حاجة إلى ما تكلُّفه من سبقت حكاية كلامه من النحويين من التقدير البعيد المخرج للكلام عن البلاغة (١). وأبعدُ من هذا كلِّه وأفسد: أن جعلوا (الهاء) للتنبيه و (ذا) للإشارة، وفصلوا بينهما بالمقسم به. وهذا ليس قياسًا فيطرد، ولا فصيحًا فيحمل عليه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مرويًا برواية ثابتة. وما وجد للعذري من ذلك فإصلاح منه، أو من غيره، ممن اغترّ بما حكي عمَّن سبق ذكرهم من اللغويين. والحق أول مطلوب. والتمسُّك بالقياس المنقول أجل مصحوب. والصحيح رواية المحدثين والله خير معين.

وقول أبي زيد: ليس في كلامهم: (لا ها الله إذًا) شهادةٌ على نفي فلا تسمع. ثَمَّ تعارضه بنقل أبي حاتم: أنه يقال: (لا ها الله) (٢) وليس كل ما يقتضيه القياس نوعًا يجب وجودُ جميع أشخاصه وضعًا.

و(قولها: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشتريها، وأعتقيها، واشترطي لهم الولاء) هذه اللفظة التي هي: (واشترطي لهم الولاء) لفظة انفرد بها هشام. والرواة كلهم لا يذكرونها. وهي مشكلة. ووجه إشكالها: أن ظاهره: أنه أمرها باشتراط ما لا يجوز، ولا يصحّ، ولا يلزم لمن لا يعلم ذلك ليتم البيع، وذلك حَمل على ما لا يجوز، وغشٌّ، وغرر لمن لا يعلم ذلك. وكل ذلك محال على النبي صلى الله عليه وسلم. ولَمَّا وقع هذا الإشكال العظيم تحزَّب العلماء في التخلص منه أحزابًا. فمنهم من أنكر هذه الرواية عن هشام من حيث انفرد بها عن الحفاظ. وهو: يحيى بن أكثم. والجمهور على القول بصحَّة الحديث؛ لأن هشامًا ثقة، حافظ، إمام. ثم قد روى هذا الحديث الأئمة منه، وقبلوه، كمالك وغيره مع تَحَّرزهم، ونقدهم، وعلمهم


(١) في (ج ٢): المبالغة.
(٢) ما بين حاصرتين سقط من (م). وجملة: (فهَيَّاك والأمرَ) الثانية سقطت من (ج ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>