للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيها بيع بعد كتابة تقدَّمت، فاختلف الناس في بيع المكاتب بسبب ذلك. فمنهم من أجازه إذا رضي المكاتب بالبيع، ولو لم يكن عاجزا. وهو الذي ارتضاه أبو عمر بن عبد البرّ. وبه قال ابن شهاب، وأبو الزناد، وربيعة. غير أنهم قالوا: لأن رضاه بالبيع عجز منه.

ومنهم من قال: يجوز بيعه على أن يمضي في كتابته؛ فإن أدَّى عتق، وكان ولاؤه للذي ابتاعه. ولو عجز فهو عبدٌ له. وبه قال النخعي، وعطاء، والليث، وأحمد، وأبو ثور.

ومنهم من منع بيع المكاتب إلا أن يعجز. وبه قال مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابهم. وأجاز (١) مالك بيع الكتابة، فإن أدَّاها عتق، وإلا كان رقيقًا لمشتري الكتابة. ومنع ذلك أبو حنيفة لأنه بيع غرر. واختلف قول الشافعي في ذلك بالمنع والإجازة. وكل هذا الخلاف سببه اختلاف فُهومهم في حديث بريرة وقواعد الشريعة، وقد قدمنا: أن الأظهر من الحديث جواز بيع المكاتب للمعتق، وهو أحسنها؛ لأنه الأظهر من الحديث، والأنسب لقواعد الشرع؛ لأن الكتابة عقد عتق على شرط عمل أو مال، وقد يحصل ذلك أو لا يحصل. وبيعه للعتق إسقاط لذلك الشرط، وتنجيز للعتق. والله أعلم.

والولاء للمشتري؛ لأن عقد الكتابة قد انفسخ.

المسألة الرابعة: اتفق المسلمون على أن المكاتب إذا حلَّ عليه نجم (٢) أو أكثر، فلم يطالبه سيده بذلك، وتركه على حاله؛ أن الكتابة لا تنفسخ ما داما على ذلك. واختلفوا فيما إذا كان العبد قويًا على السعي والأداء. فقال مالك: ليس له تعجيز نفسه إذا كان له مال ظاهر، وإن لم يظهر له مال كان له ذلك. وقال الأوزاعي: لا يُمَكَّن من تعجيز نفسه إذا كان قويًّا على الأداء. وقال الشافعي: له أن يعجز نفسه؛ علم له مال أو قوة، أو لم يعلم. وإذا قال: قد عجزت، وأبطلت الكتابة، فذلك إليه.


(١) في (ج ٢): اختار.
(٢) أي: القِسْط المترتب على المكاتب حسب ما ينصّ عليه عقد المكاتبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>