للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قلت: والصحيح: أن الكتابة لا سبيل إلى إبطال حكمها ما أمكن ذلك؛ لأنها إما أن تكون عقدًا بين السيد وعبده، وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود (١)، وإما وعدًا بالعتق وعهدًا، فقد قال الله تعالى: {وَأَوفُوا بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كَانَ مَسئُولا} وإما عتقًا على شرط يمكن تحصيله؛ فيجب الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمنون على شروطهم) (٢) ولأنه لو علَّق عتقه على أجل يأتي، أو على أمرٍ يحصل لزمه العقد، وحصل العتق عند حصول ذلك الشرط، فكذلك عقد الكتابة. ويستثنى من هذا بيعه للعتق، كما بيَّناه. وإذا كان كذلك، فلا يقبل من السيد، ولا من العبد دعوى العجز حتى يتبين بالطرق المعتبرة في ذلك.

المسألة الخامسة: إذا عجز العبد وكان السيد قبض منه بعض نجوم الكتابة حلَّ ذلك للسيد، سواء كان ذلك من صدقة على المكاتب أو غيرها، ولا رجوع للمكاتب بذلك، ولا لمن أعطاه على وجه فكاك الرقبة. هذا قول الشافعي، وأبي حنيفة، وأصحابهما، وأحمد بن حنبل، ورواية عن شريح، ومالك، غير أنه قال: إن ما أُعني به - على جهة فك رقبته -: لا يحل للسيد، ويرد على ربه. وقال إسحاق: ما أعطي بحال الكتابة ردَّ على أربابه (٣). وقال الثوري: يجعل السيد ما أعطاه في الرقاب. وهو قول مسروق، والنخعي، ورواية عن شريح.

قلت: وما قاله مالك ظاهر، لا إشكال فيه.

المسألة السادسة: فيه دليل على أن بيع الأمة ذات الزوج لا يوجب طلاقها. وعليه فقهاء الأمصار. وقد روي عن ابن عباس، وابن مسعود: أنه طلاق لها.


(١) في هذا إشارة إلى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١].
(٢) رواه أبو داود (٣٥٩٤)، والترمذي (١٣٥٢).
(٣) ما بين حاصرتين سقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>