للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يقال: بينهما فرق. وهو: أن جبر الأمة للرق (١)، وجبر الحرة للصغر؛ لأنا نقول: ذلك الفرق صوري، خلي عن المناسبة؛ إذ الكل ولاية إجبار، وقد ارتفع في الصورتين، فيلزم تساويهما في الخيار فيهما، أو في عدمه. والله تعالى أعلم.

قلت: وقد خرَّج البخاري حديث بريرة هذا عن ابن عباس فقال فيه: إن زوج بريرة كان عبدًا، يقال له: مغيث، كأني أنظر إليه خلفها يطوف يبكي، ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو راجعته) (٢) قالت: يا رسول الله! تأمرني؟ قال: (إنما أشفع). قالت: فلا حاجة (٣). وزاد عليه أبو داود: وأمرها أن تعتد. وزاد الدارقطني: عدة الحرَّة. وخرَّجه أبو داود (٤) من حديث عائشة فقال: إن بريرة عتقت وهي تحت مغيث - عبد لآل أبي أحمد - فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (إن قَرُبَكِ فلا خيار لك) (٥).

وهذه الطرق فيها أبواب من الفقه زيادة على ما ذكره مسلم.

فمنها: جواز إظهار الرجل محبة زوجته. وجواز التذلل والرغبة والبكاء بسبب ذلك؛ إذ لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على مغيث شيئًا من ذلك، ولا نبَّهَهُ عليه.

وفيه: جواز عرض الاستشفاع، والتلطف فيه، وتنزل الرجل الكبير للمشفوع عنده؛ وإن كان نازل القدر.

وفيه ما يدلُّ على فقه بريرة حيث فرقت بين الأمر والاستشفاع، وأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم كان محمولًا عندهم على الوجوب، بحيث لا يُرَدُّ، ولا يُخَالَف.


(١) في (م): للمِلْك.
(٢) في الأصول: راجعتيه، وهي رواية ابن ماجه. قال الحافظ في الفتح (٩/ ٤٠٩): وهي لغة ضعيفة.
(٣) رواه البخاري (٥٢٨٣)، وأبو داود (٢٢٣١ و ٢٢٣٢)، والدارقطني (٢/ ١٥٤).
(٤) ما بين حاصرتين ساقط من (ع) و (ل ١) و (ج ٢) وهو مستدرك من (م).
(٥) رواه أبو داود (٢٢٣٣ و ٢٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>