المؤبر حكم المؤبر لكان تقييده بالشرط لغوًا لا فائدة له. فإن قيل: فائدته التنبيه بالأعلى على الأدنى. قيل له: ليس هذا بصحيح لغة ولا عرفًا. ومن جعل هذا بمنزلة قوله تعالى:{فَلا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ} تعين أن يقال لفهمه: أفّ، وتف.
و(قوله: إلا أن يشترطه المبتاع) يعني: الثمر المؤبر لا يدخل مع الأصول في البيع إلا بالشرط. وصحَّ اشتراطه؛ لأنه عينٌ موجودة، يحاط بها، أمن سقوطها غالبًا، بخلاف التي لم تؤبَّر، إذ ليس سقوطها مأمونًا، فلم يتحقق لها وجود، فلا يجوز للبائع اشتراطها، ولا استثناؤها، لأنها كالجنين. هذا هو المشهور عندنا. وقيل: يجوز استثناؤها. وهو قول الشافعي. وخرج هذا الخلاف على الخلاف في المستثنى. هل هو مبقى على ملك البائع، أو هو مشترى من المشتري؟
فرع: لو اشترى النخل وبقي الثمر للبائع؛ جاز لمشتري الأصل شراء الثمرة. قبل طيبها على مشهور قول (١) مالك. ويرى لها حكم التبعية؛ وإن أفردت بالعقد لضرورة تخليص الرقاب. وعنه في رواية: أنه لا يجوز. وبذلك قال الشافعي، والثوري، وأهل الظاهر، وفقهاء الحديث. وهذا هو الأظهر من أحاديث النهي عن بيع الثمار قبل بدوِّ صلاحها.
و(قوله: من باع عبدًا، فمال للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) دليل على صحة قولنا: إن العبد يملك، خلافًا للشافعي، وأبي حنيفة، حيث قالا: إنه لا يملك. وقد تقدَّم ذلك. ويلتحق بالبيع في هذا الحكم كل عقد معاوضةٍ، كالنكاح،