للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثمرة أنها لا بدّ منها في كل سنة، وهي الفائدة. ولذلك قلنا نحن وأبو ثور: إذا وقعت المساقاة، ولم تتعين فيها مدة، صحت، وحملت على مدة فائدة تلك السَّنة، وليس كذلك القراض؛ إذ لا يدرى هل يحصل منه فائدة أو لا؟ وإذا حصلت فلا يدرى ما هي؟ فكان القراض بباب الجعل أولى، ولذلك كان في المشهور عقدًا جائزًا (١)، ولا يحتاج إلى أجل. وكانت المساقاة بباب الإجارة أولى، ولذلك كانت عقدًا لازمًا، واحتاج إلى ضرب الأجل.

وعلى هذا فيحتمل الحديث أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم عيَّ للمساقاة أجلًا لم يسمعه الراوي، فلم ينقله، أو وقع عقد المساقاة، وحمل على سنة واحدة، فلما جاءت السنة الأخرى بقاهم على ذلك. وهكذا في الأعوام المتوالية، والله تعالى أعلم.

و(قوله: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل خيبر ليهودها على أن يعملوها من أموالهم) يعني به: النفقة فيما تحتاج الثمرة إليه من نفقة الأجراء، والدواب، والعلوفة، والآلات، والأجر في العزاق والجداد، وغير ذلك مما يذهب بذهاب المساقاة. وأما ما يبقى بعدها كبناء حائط، أو حفر بئر أو نحوه فلا يلزم العامل.

و(قوله: كان يعطي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كل سنة مائة وسق: ثمانين وسق من تمر، وعشرين وسق من شعير) دليل لمالك: على قوله: إن بياض خيبر كان تابعًا لسوادها. ألا ترى: أن الشعير خمس، والتمر أربعة أخماس؛ ولذلك صحَّ أن يدخل في المساقاة بالشرط، ولكن بشرط اتفاق الجزء كما تقدَّم. وقد استحب مالك أن يلغيه للعامل رفقًا به، وإحسانًا إليه. وهذا الحديث وغيره دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قسم أرض خيبر على خمسة أخماس، على قسم الغنائم. وكذلك قال الشافعي. وهو مقتضى عموم قوله تعالى: {وَاعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} ومالك وأصحابه يرون إيقاف الأرض للمسلمين ممن


(١) في (ج ٢): لازمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>