للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٦٦٠] وعنه عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَمَنُ الكَلبِ خَبِيثٌ، وَكَسبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ.

رواه مسلم (١٥٦٨) (٤١)، وأبو داود (٣٤٢١)، والترمذي (١٢٧٥)، والنسائي (٧/ ١٩٠).

ــ

على التحريم.

وعلى هذا: فإما أن يحمل لفظ: (شر) في صدر الحديث على قدر مشترك بين المحرَّم والمكروه، أو على أن اللفظ المشترك قد يراد به جميع متناولاته. وقد بيَّنَّا ذلك في أصول الفقه. وهذا كلُّه إذا تنزلنا على أن كسب الحجَّام هو ما يأخذه أجرة على نفس عمل الحجامة، فإن حملناه على ما يكتسبه من بيع الدَّم. فقد كانوا في الجاهلية يأكلونه، فلا يبعُد أن يكونوا يشترونه للأكل، فيكون ثمنه حرامًا. كما قد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرَّم على قوم شيئًا حرَّم عليهم ثمنه) (١). وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث: (ثمن الدَّم حرام).

و(حلوان الكاهن) هو: ما يأخذه على تكهنه. يقال: حلوت الرجل، أحلوه: إذا أعطيته شيئًا يستحليه. كما يقال: عسلته، أعسله: إذا أطعمته عسلًا. ومنه: قيل للرِّشوة، ولما يأخذه الرَّجل من مهر ابنته حلوانًا؛ لأنها كلَّها عطايا حلوة مستعذبة.

وفيه ما يدلُّ على تحريم ما يأخذه الحسَّاب، والمنجمون في الرمل، والخط، وغير ذلك؛ لأن ذلك كلُّه تعاطي علم الغيب، فهي في معنى الكهانة. وما يؤخذ على كل ذلك محرَّم بالإجماع على ما حكاه أبو عمر.

و(قوله: ثمن الكلب خبيث، وكسب الحجَّام خبيث) إن حملنا الكلب ها هنا على العموم كان الخبيث بمعنى المكروه تسوية بينه وبين كسب الحجَّام. وقد تبيَّن أنه مكروه، وإن حملناه على غير المأذون في اتخاذه كان الخبيث بمعنى: الحرام. وحينئذ ينشأ البحث الذي قررناه آنفًا.


(١) رواه أحمد (١/ ٢٩٢)، وأبو داود (٣٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>