خواز منداذ من قدماء أصحابنا العراقيين: أنها تملك، ونزع إلى ذلك: بأنها يمكن أن يزال بها الغُصص، ويُطفأ بها الحريق، فتملك لذلك. وهذا نقل لا يعرف لمالك، ولا يلتفت لشيء مما قيل هنالك؛ لأنا لا نسلم جواز ذلك، على ما ذكرناه آنفًا فيمن غص بلقمة. ولو سلمنا ذلك فلا يلتفت إليه لندوره، وعدم وقوعه. وإنما ذلك تجويز وهمي، وتقدير، فاعتباره وسواسٌ أعرض النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عنه، ولم يلتفتوا إلى شيء منه.
و(قوله صلى الله عليه وسلم للمُهدِي راوية الخمر: (هل علمت أن الله حرَّمها) وقول المُهدِي: لا؛ يدلُّ على قرب عهد التحريم بزمن الإهداء. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن له الحكم، ولم يوبخه، ولم يذمَّه؛ لأن الرَّجل كان متمسِّكًا بالإباحة المتقدِّمة، ولم يبلغه الناسخ، فكان ذلك دليلًا: على أن الحكم لا يرتفع بوجود الناسخ، بل ببلوغه، كما قرَّرناه في الأصول.
و(قوله صلى الله عليه وسلم: (بم ساررته؟ ) دليل: على أن العالم إذا خاف على أحد الوقوع فيما لا يجوز وجب عليه أن يستكشف عن ذلك الشيء حتى يتبين وجهه له، ولا يكون هذا من باب التجسس، بل من باب النصيحة والإرشاد.
و(قوله: إن الذي حرَّم شربها حرَّم بيعها) الذي هنا: كناية عن اسم الله تعالى، فكأنه قال: إن الله حرَّم شربها وحرَّم بيعها. ويحتمل أن يكون معناه: