للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال لأصحابه: (كلوا) ولم يأكل. وأتاه يومًا آخر بتمر وقال: هدية، فأكل (١). (٢) فقال سلمان: هذه واحدة. ثم رأى خاتم النبوَّة فأسلم. وهذا واضح. وقيل: استسلفه لغيره ممن يستحق أخذ الصدقة، فلما جاءت إبل الصدقة دفع منها. وقد استبعد هذا من حيث: إنه قضاء أزيد من القرض من مال الصدقة. وقال: (إن خيركم أحسنكم قضاء) فكيف يعطي زيادة من مال ليس له؟ ويجعل ذلك من باب حسن القضاء؟ ! وقد أجيب عن هذا: بأن قيل: كان الذي استقرض منه من أهل الصدقة، فدفع الرُّباعي بوجهين: بوجه القرض، وبوجه الاستحقاق.

وقيل وجه ثالث، وهو أحسنها، إن شاء الله تعالى. وهو: أن يكون استقرض البَكر على ذمته، فدفعه لمستحق، فكان غارمًا، فلما جاءت إبل الصدقة أخذ منها بما هو غارم جملًا رباعيًا، فدفعه فيما كان عليه، فكان أداء عمَّا في ذمته وحسن قضاء بما يملكه. وهذا كما روي: أنه صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمرو أن يجهز جيشًا، فنفدت (٣) الإبل، فأمره أن (٤) يأخذ على قلائص الصدقة (٥). فظاهره: أنَّه أخذ على ذمَّته. فبقي أن يقال: فكيف يجوز له أن يؤدِّي دينه، ويبرئ ذمته مِمَّا لا يجوز له أخذه.

ويجاب عنه: بأنه لَمَّا لم يأخذه لنفسه صار بمنزلة من ضمنه في ذمته إلى وقت مجيء الصدقة. فلو لم يجئ من إبل الصدقة شيء لضمنه لمقرضه من ماله، والله أعلم. وقد تقدَّم الكلام على الزيادة في القضاء.


(١) رواه أحمد (٥/ ٤٤١ - ٤٤٤)، وابن هشام في السيرة (١/ ٢١٤ - ٢٢١)، والذهبي في سير أعلام النبلاء (١/ ٥١٠).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (م).
(٣) في (ج ٢): فتعذر.
(٤) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٥) رواه أبو داود (٣٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>