للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَلَغَنِي مَا تَرَى مِن الوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا بنَت لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَي مَالِي؟ قَالَ: لَا. قَالَ: قُلتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطرِهِ؟ قَالَ:

ــ

فكناية (١) عن الموت.

و(الوجع) اسم لكل مرض. قاله الحربي. و (أشفيت): أشرفت. يقال: أشفى وأشاف بمعنى واحد. قاله الهروي. وقال القتبي: لا يقال: أشفى إلا على شرّ.

وفيه: عيادة الفضلاء والكبراء للمرضى، وتفقد الرَّجل الفاضل أصحابه وإخوانه.

و(قوله: بلغني من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي) فيه ما يدلُّ على أن إخبار المريض بحاله لا على جهة التشكّي والتَّسخُّط جائز، وغير منقص لثوابه. ألا ترى: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصدر عنه إنكار، ولا تنبيه على تنقيص أجر ولا غيره (٢).

و(ذو مال): وإن صلح للكثير والقليل الذي ليس بتافه؛ فالمراد به ها هنا: المال الكثير بقرينة الحال.

و(قوله: ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة) ظاهر هذا: أنه ليس له وارث إلا ابنة واحدة. وليس كذلك. فإنَّه كان له ورثة وعصبة. وإنما معنى ذلك: لا يرثني بالسَّهم إلا ابنة واحدة. وقيل: لا يرثني من النساء إلا ابنة واحدة. وكلاهما محتمل. ثم أفاق من مرضه، وكان له بعده ثلاثة من الولد ذكور؛ أحدهم: اسمه عامر، وهو راوي هذا الحديث عن أبيه كما ذكرناه.

و(قوله: أفاتصدَّق بثلثي مالي؛ قال: لا) ظاهر هذا السؤال: أنه إنما سأل عن الوصية بثلثي ماله لتنفذ بعد الموت. يدل على ذلك: قرائن المرض، وذكر الورثة، وغير ذلك. ويحتمل: أن يكون عن صدقة بتلة (٣)، يخرجها في الحال. وفيه بُعدٌ. وكيف ما كان فقد أجيب: بأن ذلك لا يجوز إلا في الثلث خاصة.

قال


(١) في (ل ١): فكنَّى به.
(٢) ما بين حاصرتين سقط من (ع).
(٣) صدقة بَتْلَةٌ: منقطعة من مال المتصدِّق بها، خارجة إلى سبيل الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>