للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٧٣٠] وعنه أَنَّ أُمَّهُ ابنة رَوَاحَةَ سَأَلَت أَبَاهُ بَعضَ المَوهِبَةِ مِن مَالِهِ لِابنِهَا، فَالتَوَى بِهَا سَنَةً ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَقَالَت: لَا أَرضَى حَتَّى تُشهِدَ

ــ

ومجاهد والثوري وأحمد وإسحاق، وأن ذلك يُفسَخُ إن وقع. وذهب الجمهور - مالك في المشهور عنه، والشافعي، وأبو حنيفة، وغيرهم - إلى أن ذلك لا يُفسَخ إذا وقع، وقد حكى ابن المنذر عن مالك وغيره جواز ذلك ولو أعطاه ماله كله. وحكى غيره عن مالك أنَّه إن أعطاه ماله كله ارتجعه. قال سحنون: من أعطى ماله كله ولدًا أو غيره ولم يبق له ما يقوم به لم يجز فِعله. فمن قال بالتحريم تمسَّك بظاهر النهي وأيده بقوله: لا يصلح هذا، ولا أشهد على جور، وبقوله: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم وبأمره بردّ ذلك. ومن قال بالكراهة انصرف عن ذلك الظاهر بقوله أشهد على هذا غيري. قال: ولو كان حرامًا لما قال هذا. وأنه إنما كان يذمُّ من فَعَلَه ومن يشهد فيه ويغلِّظ عليه كعادته في العقود المحرَّمة، وبقوله أيسرُّك أن يكونوا لك في البرِّ سواء؟ ؛ فإنه نبَّه على مراعاة الأحسن. وبأن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ نحل عائشة رضي الله عنها جادَّ (١) عشرين وسقًا من ماله بالغابة ولم ينحل غيرها من ولده شيئًا من ذلك، ولأن الأصل جواز تصرُّف الإنسان في ماله مطلقا. وتأول هؤلاء ما احتجَّ به المتقدِّمون من قوله صلى الله عليه وسلم لا يصلح هذا وأن ذلك جَور على أن ذلك على الكراهة؛ لأن من عدل عن الأولى والأصلح يصدق عليه مثل ذلك الإطلاق، لأنه مما لا ينبغي أن يُقدِم عليه، ولذلك لم يشهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما أمره بالارتجاع بذلك لأنه يجوز للأب أن يرجع فيما وهب ولده كما تقدَّم، وهو يدل على صحَّة الهبة المتقدمة كما قال صلى الله عليه وسلم: مُره فليراجعها (٢)، وكان ذلك دليلًا على صحة الطلاق الواقع في الحيض. وللطائفة الأولى أن تنفصل عن ذلك المنع: أن قوله


(١) أي: نحلها نخلًا كان يجُدُّ (يقطف) منها كل سنةٍ عشرين وسقًا.
(٢) رواه أحمد (٢/ ٥٤)، والبخاري (٥٢٥١)، ومسلم (١٤٧١) (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>