للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَهَبتَ لِابنِي! فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا يَومَئِذٍ غُلَامٌ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّ هَذَا ابِنة رَوَاحَةَ أَعجَبَهَا أَن

ــ

أشهد على هذا غيري ليس إذنًا في الشهادة وإنَّما هو زجرٌ عنها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد سمَّاه جورًا وامتنع من الشهادة فيه، فلا يمكن أن يشهد أحد من المسلمين في ذلك بوجه.

وعن قوله أيسرك أن يكونوا في البر سواء؟ أن ذلك تنبيه على الأحسن، فإن ذلك ممنوع، بل ذلك تنبيه على مدخل المفسدة الناشئة عنه وهو العقوق الذي هو أكبر الكبائر، وعن نُحلِ أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ أن ذلك يحتمل أنَّ كان قد نحل أولاده نحلًا يعادل ذلك ولم ينقل، ثم إن ذلك الفعل منه لا يعارض به قول النبي صلى الله عليه وسلم. وعن التمسك بالأصل أن ذلك غير قادح (١)؛ لأن الأصل الكلِّيّ والواقعة المعينة المخالفة لذلك الأصل في حكمه لا تعارض بينهما كالعموم والخصوص، وقد تقرر في الأصول أن الصحيح بناء العام على الخاص. وعن التأويل (٢) أن ذلك مجاز، وهو على خلاف الأصل. وعن الارتجاع بمنع أن يحمل ذلك على الاعتصار؛ فإن لفظ الردِّ ظاهر في الفسخ، كما قال صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردٌّ (٣)؛ أي: مفسوخ. ويؤيد ذلك قوله فردَّ أبي تلك الصدقة، والصَّدقة لا يعتصرها الأب بالاتفاق.

وعند هذا الانفصال يتبيَّن للناظر أن القائل بالتحريم هو الذي صال (٤)، وأمَّا القول بالجواز فلم يظهر له وجه به يجاز.


(١) في (ج ٢): صحيح.
(٢) في (ج ٢): الثاني.
(٣) رواه أحمد (٦/ ٧٣)، والبخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨) (١٨)، وأبو داود (٤٦٠٦)، وابن ماجه (١٤).
(٤) أي: غَلَب.

<<  <  ج: ص:  >  >>