قلت: وهذا الوجه الثاني أولى؛ لأنه لا نص في الحديث يردَّه، ولا قاعدة شرعية تبطله. والله تعالى أعلم.
و(قوله: وكان القوم يريحون نعمهم بين أيدي بيوتهم) النعم هنا: الإبل، وإراحتها: إناختها لتستريح من تعب السَّير ومشقة السفر.
و(بين أيدي بيوتهم) بمعنى: عند بيوتهم وبحضرتها.
و(قوله: وناقة مُنوَّقةٌ) أي: مذللة، مدرَّبة، لا نفرة عندها. وهي المجرَّبة أيضًا. هذا قول العلماء، ويظهر لي: أن كونها مدرَّبة ليس موجبا لئلا ترغو؛ لأنا قد شاهدنا من الأباعر والنُّوق ما لم يزل مدرَّبًا على العمل ومع ذلك فيرغو عند ركوبه، وعند الحمل عليه، وكأن هذه الناقة إنما كانت كذلك إما لأنها دربت على ترك الرُّغاء من صغرها، وإما لأنها كان لها هوًى في السَّير والجري لنشاطها، فكلما حركت بادرت لما في هواها، وإما لأنها خصَّت في أصل خلقتها بزيادة هدوء، أو كان غير ذلك ببركة ركوب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها.
و(قوله: فقعدت في عجزها) أي: ركبتها. والعجز: المؤخر.
وقوله:(نذروا بها) أي: علموا. وهو بكسر الذال المعجمة في الماضي، وفتحها في المستقبل (نذارة) في المصدر. ونذر، ينذر - بفتحها في الماضي، وكسرها في المستقبل- نذرًا؛ أي: أوجب. يقال: نذرت بالشيء؛ أي: علمته ونذرت الشيء؛ أي: أوجبته. ابن عرفة: النذر: ما كان وعدًا على شرط، فإن لم يكن شرط لم يكن نذرًا. فلو قال: لله عليَّ صدقة؛ لم يكن ناذرًا حتى يقول: إن شفى الله مريضي، أو قدم غائبي.