و(قوله: فنذرت لله: إن نجَّاها الله عليها لتنحرنَّها) ظنت هذه المرأة: أن ذلك النَّذر يلزمها بناء منها على أنها لما استنقذتها من أيدي العدو ملكتها، أو جاز لها التصرُّف فيها لذلك. فلمَّا أُعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أجابها بما يوضح لها: أنَّها لم تملكها، وأن تصرُّفها فيها غير صحيح.
و(قوله صلى الله عليه وسلم: (بئس ما جزتها) ذمٌّ لذلك النذر، من حيث إنه لم يصادف محلًا مملوكًا لها، ولو كانت ملكًا لها للزمها الوفاء بذلك النذر؛ إذ كان يكون نذر طاعةٍ، فيلزم الوفاء به اتفاقًا. هذا إن كان ذلك الذمُّ شرعيًّا. ويمكن أن يقال: إنَّما صدر هذا الذمُّ منه لأن ذلك النذر مستقبحٌ عادة؛ لأنه مقابلة الإحسان بالإساءة. وذلك: أن النَّاقة نجتها من الهلكة، فقابلتها على ذلك بأن تُهلكها. وهذا هو الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم:(سبحان الله! بئس ما جزتها! نذرت لله: إن نجاها الله عليها لتنحرنَّها).
وفي هذا الحديث حجة: على أن ما وجد من أموال المسلمين بأيدي الكفار، وغلبوا عليه، وعرف مالكه؛ أنَّه له دون آخذه. وفيه مستروحٌ لقول من يقول: إن الكفار لا يملكون. وقد تقدَّم الكلام في ذلك.