للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا وَفَاءَ لِنَذرٍ فِي مَعصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَملِكُ العَبدُ.

وَفِي رِوَايَةِ: لَا نَذرَ فِي مَعصِيَةِ اللَّهِ.

ــ

و(قوله: لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد) ظاهر هذه الكلمة يدل على أن ما صدر من المرأة نذر معصية؛ لأنَّها التزمت أن تهلك ملك الغير، فتكون عاصية بهذا القصد. وهذا ليس بصحيح؛ لأن المرأة لم يتقدَّم لها من النبي صلى الله عليه وسلم بيان تحريم ذلك، ولم تقصد ذلك، وإنَّما معنى ذلك - والله تعالى أعلم -: أن من أقدم على ذلك بعد التقدمة، وبيان: أن ذلك محرَّم: كان عاصيًا بذلك القصد. ولا يدخل في ذلك المعلَّق على الملك، كقوله: إن ملكت هذا البعير فهو هدي، أو صدقة؛ لأن ذلك الحكم معلَّق على ملكه، لا ملك غيره. وليس مالكا في الحال، فلا نذر. وقد تقدَّم الكلام على هذا في الطلاق والعتق المعلَّقين على الملك. وأن الصحيح لزوم المشروط عند وقوع الشرط. وفيه دليل: على أن من نذر معصية حرم عليه الوفاء بها، وأنَّه لا يلزمه على ذلك حكم بكفارة يمين، ولا غيره. إذ لو كان هنالك حكم لبيَّنه للمرأة؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. وعليه جمهور العلماء. وذهب الكوفيون: إلى أنه يحرم عليه الوفاء بالمعصية، لكن تلزمه كفارة يمين؛ متمسكين في ذلك بحديث معتل عند أهل الحديث. وهو ما يروى من حديث عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين) (١) ذكره أبو داود، والطحاوي، والصحيح من حديث عائشة ما خرَّجه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه) (٢) وليس فيه شيء من ذلك. والله تعالى أعلم.

ثم: النذر إمَّا طاعة، فيجب الوفاء به بالاتفاق، أو: معصية، فيحرم الوفاء به


(١) رواه أبو داود (٣٢٩٠).
(٢) رواه البخاري (٦٦٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>