للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: ويسخط لكم ثلاثا، بدل: يكره.

رواه أحمد (٢/ ٣٢٧)، ومسلم (١٧١٥) (١٠ و ١١).

[١٨٠٨] وعَن المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ، عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيكُم عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأدَ البَنَاتِ،

ــ

أنَّه رمى مالًا كان عنده. وحرَّق آخر منهم كتب علم الحديث كانت عنده. وربما أمر بهذا بعض الشيوخ الجُهَّال. وهذا محرَّم بإجماع الفقهاء. ويلحق بإتلاف عينه منع صرفه في وجوهه من مصالح دنياه ودينه، كما يفعله أهل البُّخل، ودناءة الهمم؛ يدَّخرون المال، ويكثرونه، ولا ينفعون نفوسهم بإنفاق شيء منه، ولا يصونون به وجوههم، ولا أديانهم. فهذا الصنف هو المحروم الخاسر؛ الذي قال فيه الشاعر:

رزقت مالًا ولم ترزق منافعه ... إنَّ الشقي هو المحروم ما رُزِقا

وأشدُّ من هذا كلِّه قبحًا وإثمًا من يتلف ماله في معاصي الله تعالى، فيستعين بمال الله على معاصيه، ويخرجه في شهواته المحرمة، ولا يباليه، ويدخل في عموم النهي عن إضاعة المال القليل منه والكثير، لأن المال هنا: هو كلُّ ما يُتَمَوَّل؛ أي: يُتَملَّك؛ حتى لو رمى بثمن درهم في البحر مثلًا لكان ذلك محرمًا. وكذلك لو منعه من صرفه في وجهه الواجب، وكذلك لو أنفقه في معصية الله. ولا خلاف في هذا إن شاء الله.

و(قوله: وحرَّم عليكم عقوق الأمهات) العقوق: مصدر عق، يعق، عقوقًا؛ أي: قطع وشقَّ. فكأنَّ العاقَّ لوالديه يقطع ما أمره الله تعالى به من صلتهما، ويشق عصا طاعتهما. ولا خلاف في أن عقوقهما من أكبر الكبائر. وخصَّ الأمهات هنا بالذِّكر لتأكيد حرمتهن على الآباء؛ لأنَّ الأم لها ثلاثة أرباع البرِّ، كما قد بيَّنَّا وجه ذلك في الأيمان.

و(وأد البنات): هو دفنهن أحياء، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>