للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَيسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشِ.

ــ

و(قوله: ليس السِّنّ، والظُّفُر) ليس هنا للاستثناء، بمعنى: إلا. وظاهر هذا: أنه لا تجوز الذكاة بهما على حال، سواء كانا متصلين بالمذكِّي، أو منفصلين عنه. قال القاضي أبو الحسن: وهذا الظاهر من قول مالك من رواية ابن الموَّاز عنه. وروى ابن وهب عنه الجواز مطلقًا. وقيل: بالفرق بين المتصل منهما، فلا تجوز الذَّكاة به، وبين المنفصل؛ فتجوز الذكاة به، قاله ابن حبيب. فالأول: تمسُّك بالعموم، والثاني: نظرٌ للمعنى؛ لأنَّه يحصل بهما الذبح. وهو ضعيف؛ لأنَّه تعطيل للاستثناء المذكور في الحديث. والثالث: تمسُّك بأن الظُّفُر المتصل خنق، والسِّن المتصل نَهشٌ. وربما جاء ذلك في بعض الحديث. والمنفصل ليس كذلك، فجازت الذَّكاة به. والصحيح: الأول، وما عداه، فليس عليه مُعوَّلٌ.

و(قوله: وسأحدِّثُك، أمَّا السِّنُّ: فعظمٌ. وأمَّا الظُّفُر: فمدى الحبش) ظاهر هذا: أنَّه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو تنبيه على تعليل منع التذكية بالسِّنُّ، لكونه عظمًا، فيلزم على هذا: تعدية المنع من السِّنِّ إلى كل عظم، من حيث: إنَّه عظم؛ متصلًا كان، أو منفصلًا. وإليه ذهب النخعي، والحسن بن صالح، والليث، والشافعي. وفقهاء أصحاب الحديث منعوا الذكاة بالعظم، والظُّفر كيف كانا، وأجازوه بما عدا ذلك للحديث. وهو أحد أقوال مالك، كما تقدَّم. وروي عن مالك التفريق بين السِّن والعظم. فأجازها بالعظم، وكرهها بالسنِّ، وهو مشهور مذهبه.

و(قوله: وأمَّا الظُّفُر فمدى الحبش) يعني: أن الحبش يذبحون بأظفارهم، ولا يستعملون السَّكاكين في الذَّبح؛ فمَنَعَنا الشرع من ذلك؛ لئلا نتشبَّه بهم. فقيل: إنهم يغرزون أظفارهم في موضع الذبح، فتنخنق الذبيحة. وعلى هذا: فيكون محل المنع إنَّما هو الظُّفر المتصل، ويكون حجَّة لما صار إليه ابن حبيب من ذلك.

وقد روى حديث رافع هذا غيرُ من ذكرناه، وقال فيه: (ما فرى الأوداج وذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>