للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَيسَ عَلَى رَجُلٍ نَذرٌ فِي شَيءٍ لَا يَملِكُهُ.

ــ

ابن المبارك مما ورَدَ مِثلَ هذا: أنَّ ذلك على طريقةِ التغليظ، ولا كفَّارةَ على مَن حلف بذلك وإن كان آثِمًا؛ وعليه الجمهورُ، وهو الصحيحُ؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: مَن حَلَفَ بِاللَاّتِ، فَليَقُل: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ (١)، ولم يوجب عليه أكثَرَ من ذلك، ولو كانتِ الكفَّارةُ واجبةً، لبيَّنها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ؛ لأنَّه لا يجوزُ تأخيرُ البيانِ عن وقتِ الحاجة. وقد ذهب بعضُ العراقيِّين إلى وجوبِ الكفَّارة عليه، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.

و(قوله: لَيسَ عَلَى رَجُلٍ نَذرٌ فِي شَيءٍ لَا يَملِكُهُ) هذا صحيحٌ فيما إذا باشَرَ النذرُ مِلكَ الغير؛ كما لو قال: للهِ عَلَيَّ عِتقُ عبدِ فلانٍ، أو هَديُ بَدَنَةِ فُلَان، ولم يعلِّق شيئًا مِن ذلك على مِلكِهِ له، فلا خلافَ بين العلماء أنَّ ذلك لا يلزمُه منه شيءٌ؛ غير أنَّه حُكِيَ عن ابن أبي ليلى في العتق: أنَّه إذا كان مُوسِرًا عتِقَ عليه، ثُمَّ رجَعَ عنه.

وإنَّما اختلَفُوا فيما إذا علَّقَ العِتقَ أو الهَديَ أو الصدقةَ على المِلك؛ مِثلُ أن يقول: إن مَلَكتُ عَبدَ فلانٍ، فهو حُرٌّ، فلم يُلزمهُ الشافعيُّ شيئًا من ذلك عَمَّ أو خصَّ؛ تمسُّكًا بهذا الحديث. وألزمَهُ أبو حنيفة: كُلَّ شيء مِن ذلك عمَّ أو خصَّ؛ لأنَّه مِن بابِ العقودِ المأمورِ بالوفاءِ بها، وكأنَّه رأى أنَّ ذلك الحديثَ لا يتناوَلُ المعلَّقَ على المِلك؛ لأنَّه إنَّما يلزمُهُ عند حصولِ المِلكِ لا قبله. ووافَقَ أبا حنيفةَ مالكٌ فيما إذا خَصَّ؛ تمسُّكًا بمثل ما تمسَّكَ به أبو حنيفة، وخالَفَهُ إذا عمَّ؛ رفعًا للحَرَجِ الذي أدخَلَهُ على نفسه، ولمالكٍ قولٌ آخر مِثلُ قولِ الشافعيِّ.

و(قوله: إِنَّ رَجُلاً مِمَّن كَانَ (٢) قَبلَكُم خَرَجَت بِوَجهِهِ قُرحَةٌ) القُرحَةُ: واحدةُ القُرَحِ والقروح، وهي الجِرَاحُ؛ يقال منه: قَرِحَ جِلدُهُ بالكسر يَقرَحُ قَرَحًا،


(١) رواه البخاري (١١/ ٥٣٧) تعليقًا.
(٢) ساقط من (ل) و (م) و (ط) والمثبت من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>