كانت أسماء تنقل منها النوى على رأسها، لقولها: وهي على ثلثي فرسخ، فالأشبه أنها الأرض التي بالبقيع كما تقدَّم في القول الأول.
ففيه من الفقه ما يدل على جواز إقطاع الإمام الأرض لمن يراه من أهل الفضل، والحاجة، والمنفعة العامة، كالعلماء، والمجاهدين، وغيرهم، لكن تكون تلك الأرض المقطعة من موات الأرض أو من الأرض الموقوفة لمصالح المسلمين كما قدمناه في الجهاد.
وفيه ما يدلُّ على جواز الاستزادة من الحلال، وإظهار الرَّغبة فيه، كما فعل الزبير - رضي الله عنه -؛ حيث أجرى فرسه، فلما وقف رمى بسوطه رغبة في الزيادة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يبصر ذلك كله، ولم ينكره عليه.
وليس إقطاع الإمام تمليكًا للرقبة، وإنما هو اختصاص بالمنفعة، لكن لو أحيا الموات المقطع لكان للمحيي، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من أحيا أرضًا ميتة فهي له)(١).
وقولها:(فلقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه، فدعاني، ثم قال: إخ، إخ) تعني به: أنه نوَّخ ناقته ليُركبها عليها.
و(إخ) - بكسر الهمزة، وسكون الخاء - وهو صوت تُنَوَّخ به الإبل. وظاهر هذا المساق يدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - عرض عليها الركوب، فلم تركب؛ لأنَّها استحيت، كما قالت. وعلى هذا فلا يحتاج إلى اعتذار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ركوبها معه، فإنَّه يحتمل أنها لو اختارت الركوب تركها راكبة وحدها، ولا يكون فيه من حيث هذا اللفظ دليل على جواز ركوب اثنين على بعير، فتأمله.
وقولها:(وعرفت غيرتك) تعني: ما جبل عليه من الغيرة، وإلا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغار لأجله، كما قال عمر - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: (وعليك أغار